Times of Egypt

الأسرة المصرية

M.Adam
أمينة خيري  

أمينة خيري 

أُعلق على ما ورد في رسالة الأستاذ أحمد فايد (فلاح، نيويورك).. التي نشرتها أمس.

 -1 وقت كان التعليم غاية الغالبية المطلقة من المصريين – بمن فيهم من لم يتعلم ولكن أراد أن يُعلم أبناءه وأحفاده.. حتى يكونوا أفضل منه، ووقت كانت المدارس والمدرسون والمنظومة التعليمية.. أشبه بمشروع قومي.. وحلم يجمع الكل – خرج من صلب العديد من الأسر المصرية البسيطة.. أعظم وأهم القامات الأدبية والعلمية والسياسية.

 -2 بدأت منظومة التعليم في الانهيار، ومعها قيمته والغاية منه، وانقلبت قيم وأولويات.. رأساً على عقب، وهو ما تزامن مع «عصر الانفتاح»، والمتغيرات السياسية.. والاقتصادية والقيمية، وتضاؤل قيمة ومكانة وقدرة التعليم الحكومي.. على قيادة الدفة، وإعلاء قيم مادية بحتة. وتزامن ذلك وموجات الهجرة الاقتصادية.. بحثاً عما يُحقق القيمة والقامة؛ من تليفزيون، وغسالة، ومروحة، وثلاجة مهيبة.. وغيرها، مع تضاؤل تدريجي – لكن سريع – لأغلب القيم التي كانت سائدة، وعلى رأسها: الخصائص المرجوة للأبناء.

 -3 ارتفاع معدلات الإنجاب (قبل أن تنخفض حالياً).. لها أسباب معروفة وموثقة.. مكتوبة بناءً على بحوث ميدانية وعملية وعلمية. العادات والتقاليد.. المتمسكة بالزواج المبكر، ومن ثم زيادة عدد سنوات الخصوبة وعدد الأطفال، اعتبار طفلين أو ثلاثة عيباً، اعتبار كثرة الإنجاب فخراً للمرأة الولود.. ومصدر قوة ورجولة للأب، محدودية استخدام وسائل التنظيم.. لأسباب ثقافية وتفسيرات دينية، ضعف المستويات التعليمية والاقتصادية.. واعتبار الأطفال مصدر دخل إضافي؛ بمعنى آخر «عمالة الأطفال»، والعزوة. أما مسألة الإنجاب.. على أمل أن يكون المولود نجيب محفوظ أو طه حسين، أو أحمد زويل أو محمد صلاح، أو عائشة راتب أو سهير القلماوي.. فلا أظن أنه غرض سائد كثيراً.

 -4 نعم، ضمن مظاهر التفاخر بين أهلنا – في العديد من القرى – عودة الابن بمبلغ من المال.. لبناء بيت على ما تبقى من أرض زراعية، أو لشراء توك توك.. لمن لم ينجح في «الهجرة»؛ سواء إلى أمريكا أو ليبيا أو إيطاليا.. ليسند الأسرة.

 -5 الأسرة الغارقة في اعتبار الإنجاب وسيلة لزيادة الدخل.. ضحية؛ ضحية سياسات سمحت بتدهور منظومة التعليم.. حتى فقد قيمته على مدار نصف قرن. وضحية السماح بتوغل جماعات الإسلام السياسي.. لتهيمن على الشارع، وتغرس أفكارها وأولوياتها. ضحية غلبة عدد أقدام الثلاجة، وبوصات التليفزيون، وأدراج الديب فريزر.. على قيمة التعليم. العيب ليس في الأسرة المصرية البسيطة، بل في من تركها في دائرتها المفرغة.

 – 6 حضرتك تفتخر بإنك فلاح – ولك كل الحق – أغلبنا أصوله تنتمي إلى هذه الأرض الطيبة.. وأهلها الفلاحين. وذكرت أن أسرتك الكريمة ربتك على الكرامة، وهذا عظيم. تمكنت من شق طريق التعليم والعمل. وذكرت أن هذه المسيرة العظيمة بالفعل مكنتك من أن تُصبح «موظفاً تنفيذياً فيدرالياً في الولايات المتحدة الأمريكية»، فهنيئاً لك. ولكن ما علاقة ذلك بما ذكرته من ضرورة التفكير والتخطيط للإنجاب؛ بحكم أنه مسؤولية عظمى، لا مجرد عمليات ضخ.. تؤدي إلى المزيد من الفقر والإفقار؛ لا للأسرة فقط، ولكن للمجتمع كله؟!

  -7 ذكرت أنه حاولت تجاهل المقال.. منذ نُشر قبل نحو عامين، وفي كل مرة تقع عيناك على اسمي، ينتابك الضيق والغضب. اختلاف الآراء أستاذ أحمد.. لا يُفسد للاحترام قضية. وخير وسيلة هي تلك التي اتبعتها حضرتك.. بالتواصل، للتعبير عن رأيك وغضبك وضيقك.

نقلاً عن «المصري اليوم«

شارك هذه المقالة