عمرو الشوبكي
تعليق الأستاذ معتز تفاحة – في المقال السابق – حول حزب الله، يمثل جانباً من قراءة ظاهرة الحزب، وتجربته في لبنان. من المهم أن تؤخذ بعين الاعتبار، لكن – في نفس الوقت – فإن الأبعاد المركبة للحزب، تجعل من الصعب اختزاله فقط.. في كونه حزباً مقاوماً، يحمل قيم ومبادئ المقاومة، والعداء لإسرائيل.. عقب دوره الأساسي في تحرير الجنوب عام 2000. ولا هو فقط.. جزء من الاستراتيجية الإيرانية في المنطقة، إنما أيضاً، خاصة مؤخراً، أصبح يشير إلى مخاوف جانب من حاضنته الشعبية الشيعية.. من الوضع الإقليمي والداخلي، ليبرر احتفاظه بسلاحه.
والحقيقة أن حزب الله.. تجاهل المطالب الداخلية اللبنانية بتسليم سلاحه في الداخل اللبناني، ولم يعرها اهتماماً؛ خاصة عقب اجتياح بعض عناصره لبيروت في 2008، وهيمنته على القرار السياسي والعسكري، ثم تدخله المسلح في سوريا، وتورطه في قتل مدنيين أبرياء.. وليس فقط دواعش أو فصائل مسلحة متطرفة، وظل متمسكاً بسلاحه حتى الآن.. رغم أن جانباً كبيراً منه، دمرته إسرائيل في حربها الأخيرة.
الحقيقة أن سلاح حزب الله يمثل – في أحد جوانبه – بعداً عقائدياً وسياسياً معادياً لإسرائيل. كما أنه قدم تضحيات.. في سبيل دفاعه عن قناعاته العقائدية وتحالفاته الإقليمية. وأنه، يمكن البحث عن صيغة إدماج.. لما تبقى من سلاح حزب الله في الجيش اللبناني، حتى يقوى هذا الجيش، وتشعر جميع المكونات اللبنانية – خاصة الشيعة – أنه قادر على حمايتهم.
والحقيقة، أن البحث عن صيغ انتقالية – كما يجري الآن – بعيداً عن صيغة التسليم الفوري للسلاح.. التي رفضها الحزب، لن تؤثر على الهدف النهائي بحصرية السلاح في يد الدولة، وفي نفس الوقت.. ستكون تلبية لمخاوف جانب كبير من بيئته الشيعية؛ التي باتت تعتبر أن هذا السلاح أيضاً.. سلاح للمكانة الداخلية والحماية، مما يجعل قضية سلاح حزب الله أكثر عمقاً وتعقيداً.. من كونها قضية مبدئية وقانونية صحيحة، أو أنها تتعلق فقط بتنظيم مسلح.. إذا امتلك الجيش القدرة على نزع هذا السلاح، سيفعل، وتنتهي القضية.
إن التنظيمات والمشاريع العقائدية والسياسية.. التي تمتلك قاعدة اجتماعية أو طائفية أو مناطقية، لا يمكن التعامل معها على أنها مجرد تنظيم و«خلاص»، إنما تحتاج إلى مشروع مقابل، قادر على جذب – أو تحييد – قطاعات مؤثرة من البيئة الحاضنة لهذا التنظيم، وهو ما لم يحدث بعد في لبنان.. بالصورة المطلوبة.
إن الحديث الجديد والمتصاعد، حول حاجة الشيعة إلى السلاح.. لكي يحموا أنفسهم من أي أخطار تأتي من الاحتلال الإسرائيلي، قد تزايدت..مع مخاوف البعض من «سوريا الجديدة»، بعد أحداث الساحل والسويداء وتصاعد التوتر مع الأكراد.
وبالتالي، بات مطلوباً قراءة الأبعاد المركبة لقضية سلاح حزب الله، دون التخلي عن الهدف الصحيح والمشروع، وهو وضرورة حصر السلاح في يد الدولة.. كهدف لا يجب التنازل عنه.
نقلاً عن «المصري اليوم«