في خطوة جديدة تعزز مكانتها كأحد أبرز النماذج التنموية في المنطقة، شاركت الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس للمرة الأولى في مؤتمر (تيكاد 9) بالعاصمة اليابانية طوكيو، حيث ألقى وليد جمال الدين، رئيس الهيئة، كلمة رئيسية ضمن حلقة نقاشية رفيعة المستوى نظمتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)* بالتعاون مع الاتحاد الإفريقي، حول البنية التحتية والتحول الإنتاجي.
نموذج مصري ملهم
أكد رئيس الهيئة في كلمته أن تجربة المنطقة الاقتصادية لقناة السويس أصبحت نموذجًا ملهمًا يمكن البناء عليه عالميًّا، لما حققته من تكامل فريد بين البنية التحتية المتطورة والمناخ الاستثماري الجاذب، وهو ما انعكس بشكل مباشر على تعزيز تنافسية المنطقة، وتقليل المخاطر أمام المستثمرين، ودعم تكامل سلاسل الإمداد العالمية.
وأوضح جمال الدين أن الدولة المصرية ضخت استثمارات ضخمة خلال السنوات الأخيرة في البنية التحتية داخل المنطقة، إلى جانب ما نفذته الهيئة ذاتها على مدار عقد كامل منذ تأسيسها، مشيرًا إلى أن هذه الاستثمارات شملت محطات الكهرباء والمياه، والطرق الداخلية، وشبكات الاتصالات، والأمن الصناعي، لتخرج جميعها وفق معايير عالمية تواكب متطلبات المستثمرين بمختلف القطاعات.
موانئ عابرة للقارات
وفي استعراضه لمحاور التجربة المصرية، أشار رئيس الهيئة إلى الجهود المبذولة لتطوير 6 موانئ استراتيجية تابعة للهيئة على البحرين الأحمر والمتوسط، بما يضمن النفاذ الكامل للأسواق العالمية عبر اتفاقيات التجارة الحرة. وتشمل خطط التطوير تعميق وتوسعة الأحواض لاستقبال أحدث أجيال السفن، وإنشاء أرصفة وساحات متعددة الأغراض، وتطوير الصوامع ووسائط التخزين المبرد للأغذية والأدوية.
كما لفت إلى أن التعاون مع كبريات شركات تشغيل الموانئ والخطوط الملاحية العالمية أضاف بعدًا تنافسيًا جديدًا، يعزز من مكانة المنطقة الاقتصادية كمركز صناعي ولوجستي رائد عالميًّا، قادر على خدمة سلاسل التوريد الدولية بكفاءة عالية.
رسالة إلى إفريقيا
وفي سياق الحلقة النقاشية، شدد رئيس الهيئة على أن تجربة المنطقة الاقتصادية لقناة السويس ليست مجرد مشروع محلي، بل رسالة يمكن تعميمها إفريقيًّا، بما يساهم في تحقيق التنمية المستدامة وتعظيم الاستفادة من موارد القارة. وأكد أن نجاح الهيئة في بناء بيئة استثمارية جاذبة ومرافق عالمية المستوى، يمثل مرجعًا مهمًا لأي دولة إفريقية تسعى لتعزيز قدراتها الإنتاجية واللوجستية.
اهتمام ياباني متزايد
وعلى هامش المشاركة في (تيكاد 9)، عقد وفد الهيئة برئاسة جمال الدين مائدة مستديرة موسعة مع ثماني شركات يابانية كبرى أبدت اهتمامًا بالاستثمار في المنطقة الاقتصادية، في قطاعات متنوعة تشمل البنية التحتية، الخدمات اللوجستية، صناعة المعدات الثقيلة، الاستشارات، وأنظمة الإشارات الذكية.
وتضم قائمة الشركات المشاركة: (Nippon Signal، JOIN، Deloitte Tohmatsu، Compasspoint، PADECO، Qunie corp، Sakai، Taitan Capital). وقدمت هذه الشركات مقترحات للتعاون في مشروعات مستقبلية تتكامل مع رؤية المنطقة الاقتصادية، بما يعكس ثقة متزايدة لدى المستثمرين اليابانيين في فرص الاستثمار بمصر.
فرص استثمارية متنوعة
وخلال اللقاء، استعرض جمال الدين 21 قطاعًا استراتيجيًّا تستهدف الهيئة جذب الاستثمارات إليها، من أبرزها: الصناعات المعدنية، السيارات، الأدوية والمادة الفعالة، الوقود الأخضر والصناعات المكملة له، مراكز البيانات، والخدمات اللوجستية.
كما شدد على ما تتمتع به المنطقة من حوافز استثمارية نوعية، تشمل توافر العمالة الفنية المدربة، وتنوع مصادر الطاقة بأسعار تنافسية، إلى جانب منظومة الشباك الواحد الرقمية التي تقلل الإجراءات البيروقراطية وتوفر بيئة عمل مرنة وسريعة.
نحو مركز عالمي للإمداد
اختتم رئيس الهيئة كلمته بالتأكيد على أن تكامل المناطق الصناعية واللوجستية مع الموانئ التابعة للهيئة يخلق سلاسل إمداد متكاملة قادرة على خدمة أكثر من ملياري مستهلك حول العالم، وهو ما يجعل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس ليست فقط بوابة مصر للتنمية، بل نموذجًا عالميًا لإدارة الموارد وتعظيم القيمة المضافة.