Times of Egypt

استنساخ أحمد الشرع!

M.Adam
عبدالله عبدالسلام 

عبدالله عبدالسلام

لم يستغرق الأمر سوى 6 أشهر. تحول خلالها الرئيس السوري أحمد الشرع – القائد السابق لهيئة تحرير الشام الإرهابية، الذي تنقَّل قبل ذلك بين الجماعات الإرهابية المتطرفة – إلى نموذج مطلوب الاحتذاء به. إنه خير معبر عن المرحلة الجديدة – التي تمر بها المنطقة العربية – بعد هجمات حماس في 7 أكتوبر 2023، والعدوان الإسرائيلي على غزة، وسقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر الماضي، وهزيمة حزب الله.

 يمتلئ الإعلام والصحافة في دول عربية عديدة.. بتقارير ومقالات تدعو إلى تبنِّي أجندة الشرع؛ التي ساهمت في رفع سوريا من قائمة الإرهاب الأمريكية، وتدفق الاستثمارات العربية، والزيارات – التي لا تتوقف – من مسؤولين عرب ودوليين لدمشق. والأهم.. العلاقات الجديدة التي بدأ ينسجها مع إسرائيل، والتعاون العسكري والاستخباراتي بين البلدين.

الحملة الإعلامية الآن.. مُركزة على لبنان. لماذا لم يفعل مثلما فعلت سوريا/الشرع؟

… اتهامات للحكومة اللبنانية، بعدم القدرة على مواجهة المشكلة الأساسية؛ وهي سلاح حزب الله.. المطلوب أن يسلمه بحيث يكون الجيش اللبناني (المالك الحصري للسلاح). وبينما تشهد الساحة السورية نشاطاً دبلوماسياً مكثفاً، ويلتقي الشرع مع ترامب.. خلال جولته الخليجية الأخيرة، تشعر بيروت بالعزلة، وتتعثر محاولاتها لجذب الاستثمارات، ولا يبدو في الأفق أخبار إيجابية.. تشي بأنها استوعبت التغيرات الكاسحة في المنطقة. هكذا يوجه المنتقدون سهامهم للرئيس اللبناني جوزيف عون، ورئيس الحكومة نواف سلام. لا يضع هؤلاء المنتقدون في اعتبارهم.. الاختلافات الجذرية بين نظامَي الحكم في البلدين، ولا يهمهم مخاوف عودة الاضطرابات إلى لبنان، إذا لم تتم معالجة قضية سلاح حزب الله.. بروية وحكمة.

نظم الحكم في سوريا فردي. الشرع يقرر كل شيء؛ من أول إصدار الإعلان الدستوري المؤقت، إلى تشكيل الحكومة، إلى اتخاذ أخطر – أو أتفه – القرارات. لا يوجد برلمان ولا أحزاب. فقط الشرع، وقادة الميليشيات التي استولت على الحكم. الرئيس السوري وضع أجندة بلاده الداخلية والخارجية.. دون نقاش أو معارضة. أهم بند فيها، بقاء واستقرار النظام الجديد. في سبيل ذلك، سعى لوقف التوغلات والانتهاكات الإسرائيلية.. عبر الدخول في مفاوضات سرية، والتعاون مع الموساد.. لتقديم معلومات حساسة؛ كتلك المتعلقة بالجاسوس الأشهر إيلي كوهين. أيضاً، أقر الشروط الأمريكية.. التي وضعها ترامب لعودة العلاقات، والتي لا تختلف كثيراً عن شروط إسرائيل.

الأمر مختلف في لبنان. 

أي خطوة – ولو صغيرة – تتطلب توافقاً وطنياً بين مكونات المجتمع اللبناني. نزع سلاح حزب الله.. دون موافقة الطائفة الشيعية، يمكن أن يفجر البلد. أو على الأقل، يأتي بعكس ما تريد الحكومة.. من استقرار أمني وتحسن للوضع الاقتصادي. عون وسلام راغبان في إنهاء «معضلة» سلاح حزب الله، لكنهما ليسا في وضع الآمر الناهي. هناك برلمان وأحزاب وقوى سياسية ومنظمات على الأرض، ولا بد من تهيئة الأمر للوصول إلى هذا القرار المصيري.. 

بدلاً من تشجيع الحكومة اللبنانية، على مواصلة جهدها لإقناع قيادات حزب الله.. بالتحول إلى حزب سياسي.. دون ذراع عسكرية، يتم توجيه اللوم لها، واتهامها بالعجز والفشل. 

يعتقد المنتقدون أن استنساخ أحمد الشرع في بيروت – وعواصم عربية أخرى – ضرورةٌ قصوى.. وهذا من رابع المستحيلات.

نقلاً عن «المصري اليوم«

شارك هذه المقالة