عمرو الشوبكي
إن تأثير إعلان الحكومة الإسرائيلية أمس الأول.. احتلال قطاع غزة، أو بتعبيرها.. السيطرة الكاملة على القطاع، لن يكون فقط على المستوى السياسي والإنساني؛ بتقويض حل الدولتين، وممارسة القتل والتجويع لأهل غزة؛ إنما سيستهدف أساساً تهجير الفلسطينيين – أو جانب منهم، قُدِّر بما بين 300 و400 ألف شخص – خارج أرضهم.
مخطئ من يتصور أن إعلان احتلال غزة، هدفه التأكيد على ما هو مؤكد.. أي الاحتلال، إنما هو رسالة واضحة للمرحلة الجديدة، التي ستعمل فيها الحكومة الإسرائيلية.. بشكل عملي وتدريجي على تهجير الفلسطينيين، وبدأت فعلاً في دعوة حوالي مليون غزاوي.. للانتقال من مناطق الشمال والوسط إلى الجنوب.. قرب الحدود المصرية.
ورغم ما تعرَّض له الشعب الفلسطيني.. من جرائم إبادة جماعية، ومحاولات تهجير على مدار ما يقرب من عامين، إلا أنه صمد وتمسك بالبقاء في أرضه، ومع ذلك فإن حرب التجويع التي تشنها إسرائيل، وحشر ما يقرب من 2 مليون فلسطيني.. في أقل من نصف قطاع غزة قرب الحدود المصرية، يجعل مشروع الهجرة القسرية (الذي تسميه أمريكا وإسرائيل طوعياً) خياراً للبعض.. كبديل للقتل والتجويع.
إن مواجهة التهجير لن يكون فقط فلسطينياً، إنما سيكون أيضاً عربياً وعالمياً – وخاصة موقف الأردن ومصر – فالموقف الأردني حاسم من هذه القضية، لأنها تمثل تهديداً وجودياً لكيانه.. في ظل تحدٍّ ديموغرافي، وتوازن دقيق بين الأردنيين والفلسطينيين. بالإضافة إلى أن التحدي الأكبر للأردن، سيبقى أساساً.. بحكم الجوار الجغرافي، ويتعلق بمخطط تهجير سكان الضفة الغربية.. وليس غزة.
أما رد الفعل المصري على مخطط التهجير، فيتمثل في الرفض على المستويين الشعبي والرسمي، ويحتاج لتعزيزه وتحصين المناعة الداخلية.. بأداء جديد يوسع الهامش السياسي، ويحسن من الأداء الاقتصادي، ويشارك بفاعلية في التحركات الدولية الضاغطة على إسرائيل.. من أجل وقف الحرب وجرائم الإبادة الجماعية.
إعلان احتلال غزة.. هو إعلان عن بدء مشروع التهجير، وليس عن احتلال. وهو جرس إنذار للجميع، ويجب التعامل معه بقوة وكفاءة، لأنه لن يكون شاملاً، إنما سيكون مراوغاً وتدريجياً. يخص مئات الآلاف من الفلسطينيين، وهو تحدٍّ للأداء الاقتصادي والسياسي.. لمصر والأردن، فلن يكفي لمواجته الرفض أو الشعارات فقط، إنما بخطط عمل بديلة؛ تبدأ بأن تكون مصر جزءاً فاعلاً من كل التحركات المدنية والدولية، التي تعمل على ردع إسرائيل، ودفعها لوقف الحرب. ولا تكتفي بدور مصري مهم مع قطر.. كوسيط في مفاوضات وقف إطلاق، إنما باتت في حاجة أن تكون خطتها الدفاعية عن أمنها وحدودها وأرضها.. خطة هجومية؛ بمعنى أن تواجه إسرائيل في كل المحافل الدولية.. من أجل وقف جرائمها.
فنتنياهو لم يتخلَّ عن مخطط التهجير، وترامب يدعمه ونتيجة ذلك.. لن تعني فقط تصفية القضية الفلسطينية، وإجهاض حل الدولتين والمسار السلمي، إنما أيضاً تهديد وجودي لدول الجوار العربية.
نقلاً عن «المصري اليوم»