عبدالله عبدالسلام
«المسألة أكبر من غزة. غزة قضية مهمة، لكنها مجرد قطعة في جسم كبير». هكذا تحدَّث ترامب قبل أيام.
… خطته لوقف الحرب في القطاع، والقضاء على «حماس»، وإنهاء أي شكل من أشكال المقاومة.. مقدمة لهدف أكبر.
إعادة شحن بطاريات الاتفاقيات الإبراهيمية، واستئناف عمليات التطبيع الكبرى بين العرب والإسرائيليين، التي بدأها عام 2020.
طموحاته لا تتوقف عند العالم العربي. يمد بصره بعيداً إلى باكستان وإندونيسيا، ودول آسيا الوسطى وخاصة أذربيجان. العزلة الدولية التي تعانيها إسرائيل – بسبب عدوانها الهمجي على غزة وعلى لبنان وسوريا واليمن، والدعاوى القضائية ضدها في المحاكم الدولية – مطلوب أن تنتهي.. بعد أن وافقت على خطته.
الاتفاقيات قامت أساساً.. على فكرة أن القضية الفلسطينية لم تعد قضية العرب الرئيسية، وأن هناك قضايا تخص كل دولة على حدة، والمنطقة ككل. في المقدمة، التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري والتكنولوجيا، والتحديات التي تمثلها إيران.
مارست رئاسة ترامب الأولى (2017 – 2021).. ضغوطاً شديدة على دول عربية كثيرة.. للتطبيع مع إسرائيل، فكانت الدفعة الأولى – المؤلفة من الإمارات والبحرين والمغرب – لم ينضم السودان، بسبب حربه الأهلية.
… حالياً، الطموحات أكبر؛ بطول وعرض العالمين العربي والإسلامي. منذ بدء رئاسته الثانية في يناير الماضي، لم يتوقف ترامب عن بذل الجهود والضغوط.. لإعادة ضخ الدم في الاتفاقيات. بسبب عدوان غزة، أدركت إدارته أن الوقت ليس مناسباً.. لانطلاق القطار، إلا أنها سعت لاستكشاف آفاق المستقبل مع دول عديدة.. فور وقف النار.
وجود جاريد كوشنر – صهر ترامب، الذي كان «مهندس» هذه الاتفاقيات – في البيت الأبيض.. خلال محادثات نتنياهو، مؤشر قوي.. على أن الإدارة ستستأنف العمل في هذا الاتجاه، فور موافقة حماس والبدء في تشكيل السلطة الانتقالية الدولية لإدارة غزة، وليس بعد بدء الانسحاب الإسرائيلي.
خلال عامي العدوان، نجت الاتفاقيات الموقعة، ولم تتأثر كثيراً. التعاون استمر، وإن بوتيرة هادئة.. ودون صخب. الحديث عن إعمار غزة، فرصة للتأكيد على أهمية الاتفاقيات؛ باعتبار أن بعض الدول – التي ستساهم في الإعمار – جزء من الاتفاقيات. أي أن هناك علاقة بين تحسين ظروف الفلسطينيين، والمُضي قُدماً في التوقيع على مزيد من الاتفاقيات الإبراهيمية.
وخلال الشهور المقبلة، سنشهد حملة علاقات دولية كبرى.. لإعادة إسرائيل إلى «الحظيرة الدولية»، وإقناع العالم بنسيان جرائمها، والتعاون الطبيعي معها.. بعد أن أوقفت عدوانها، ووسعت من علاقاتها مع العرب والمسلمين. ترامب لم يعد يستثني حتى إيران.. من ركوب قطار التطبيع.
منح إسرائيل الجائزة.. قبل تقديم ما يؤهلها حقيقة لذلك، محفز لها.. بتكرار نفس ما تفعله الآن في غزة، وربما أكثر وحشية، طالما جرى «التسامح» معها، واعتبار أن ما حدث، كأنه لم يكن.
كما أن عدم الحصول على التزام موثوق به من واشنطن وتل أبيب.. تجاه قيام الدولة الفلسطينية، سيجعل رد الفعل الشعبي العربي والإسلامي عدائياً.. ضد هذه الاتفاقيات.
خطة ترامب تلتف على مسألة الدولة الفلسطينية، ونتنياهو يستبعدها تماماً.
مطلوب أن يكون المستقبل الفلسطيني.. جزءاً من أي نقاش لاستئناف العلاقات مع إسرائيل. بدون ذلك، ستكون إسرائيل قد قتلت الضحية، وسارت في الجنازة.. لتتلقى العزاء، والشكر أيضاً.
نقلاً عن «المصري اليوم»