Times of Egypt

إعادة إحياء النصر للسيارات.. هذه آخر التطورات

M.Adam

بعد سنوات طويلة من الصمت، يعود اسم “النصر للسيارات” ليعلو من جديد في سماء الصناعة المصرية، حاملاً معه تاريخًا عريقًا ورؤية مستقبلية تعكس إرادة الدولة لإعادة الاعتبار للصناعة الوطنية.

ففي جولة تفقدية حديثة، قادها الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل، بمشاركة وزراء قطاع الأعمال والعمل والأوقاف، ظهرت ملامح جدية لإعادة تشغيل هذا الصرح الصناعي التاريخي، الذي تأسس عام 1960 وبدأ إنتاجه في 1964، قبل أن يتعثر لسنوات طويلة.

مصانع حديثة بروح جديدة

زيارة الوزراء شملت عدداً من المصانع داخل مجمع النصر بحلوان، على مساحة تقارب 900 ألف متر مربع. البداية كانت من مصنع السيارات الملاكي (المقام على مساحة 44 ألف متر مربع)، حيث عُرضت تجارب التشغيل الأولية بعد استكمال أعمال التجديد وتزويده بخطوط إنتاج وتجميع ودهانات متطورة. ويضم المصنع خط الـ”إلبو”، أحد أكبر خطوط معالجة ودهان هياكل السيارات في مصر، والمصمم وفق أحدث المعايير العالمية، بما يضمن حماية الهيكل من الصدأ ورفع مستويات الجودة والسلامة البيئية.

ولم يتوقف الأمر عند ذلك، إذ تفقد الوزراء مصنع الأتوبيسات الذي أعيد تشغيله مؤخرًا، والذي بدأ إنتاج أتوبيسات “نصر سكاي” السياحية بطول 12 مترًا، والميني باص “نصر ستار” بطول 8 أمتار، مع نسبة مكوّن محلي تصل إلى 63%. والأهم أن خطط التطوير تستهدف إدخال طرازات جديدة صديقة للبيئة تعمل بالكهرباء أو الغاز الطبيعي تحت مسمى “نصر جرين”، في خطوة تتماشى مع التوجه العالمي للتحول نحو وسائل النقل المستدامة.

البعد الاجتماعي.. ما وراء الصناعة

في كلمته خلال لقاء موسع مع العاملين، شدد الفريق كامل الوزير على أن خطة إحياء المصانع المتعثرة ليست مجرد مشروع اقتصادي، بل تحمل بُعدًا اجتماعيًا وإنسانيًا مهمًا. فإعادة تشغيل “النصر” – حسب قوله – يعني الحفاظ على آلاف العمال والمهندسين وأسرهم، وحماية ثروة مصر الصناعية والعقارية من الاندثار. وأكد أن إعادة تأهيل وتشغيل مصنع قائم أسهل وأسرع بكثير من بناء مصنع جديد يستنزف وقتًا وجهدًا وموارد ضخمة، وهو ما يجعل “النصر” نموذجًا حيًا على الرؤية الجديدة للدولة.

وأضاف الوزير أن العامل المصري يمتلك من الذكاء والحيوية والإخلاص ما يجعله قادرًا على النهوض بالصناعة الوطنية، شرط توافر بيئة عمل محفزة وإدارة واعية، مشددًا على أن الإرادة السياسية الحالية تفتح الباب واسعًا لاستعادة مكانة “النصر” عبر الشراكات مع القطاع الخاص المحلي والعربي والأجنبي، سواء في التمويل أو نقل التكنولوجيا.

“النصر”.. اسم يرمز للإرادة

من جانبه، أكد المهندس محمد شيمي، وزير قطاع الأعمال العام، أن اسم “النصر” لم يكن يومًا مجرد علامة تجارية، بل رمزًا لقدرة المصريين على البناء والتحدي. وأوضح أن الدولة، بدعم من الرئيس عبد الفتاح السيسي، وضعت خطة واضحة لإعادة إحياء هذا الكيان العريق، الذي يعود الآن بخطوط إنتاج تعمل بالفعل وتطرح في السوق المحلي منتجات مثل “نصر سكاي” و”نصر ستار”.

وأشار شيمي إلى أن التطوير لم يقتصر على الأتوبيسات، بل شمل تجهيز مصنع سيارات الركوب بأحدث تقنيات الإنتاج والتجميع والدهان، في خطوة تفتح الباب أمام دخول مرحلة جديدة من التصنيع المحلي المتكامل. وفي رسالة مباشرة للعاملين، قال: *”أنتم قلب هذا الصرح وروحه النابضة، ونجاح النصر لن يبنى إلا بجهودكم وإخلاصكم.”*

عودة الروح للصناعة الوطنية

وزير العمل، محمد جبران، اعتبر عودة “النصر” مثالًا حيًا على نجاح خطة الدولة لإحياء الصناعة الوطنية وتوفير آلاف فرص العمل، بما يتسق مع **رؤية مصر 2030**. كما أشار إلى أن **قانون العمل الجديد**، المقرر تطبيقه في سبتمبر 2025، يمثل هدية الدولة للعمال وأصحاب الأعمال، حيث يوازن بين الحقوق والواجبات، ويشجع الاستثمار، ويعزز معايير بيئة العمل العصرية.

أما الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، فربط بين الصناعة وبناء الحضارة، مؤكدًا أن صناعة النصر ليست مجرد عملية إنتاج سيارات، بل مسئولية وطنية وأمانة جيل يتسلمها من جيل آخر، داعيًا إلى الإخلاص في العمل حتى يخلّد التاريخ هذه التجربة كما خلّد تجارب أمم عظيمة نهضت بالصناعة والإبداع.

آفاق المستقبل

زيارة الوزراء لم تقتصر على النصر للسيارات، بل شملت أيضًا شركة الحديد والصلب المصرية بحلوان (تحت التصفية) لبحث أفضل سبل استغلال أصولها بالشراكة مع القطاع الخاص، في إشارة واضحة إلى أن الدولة تتحرك وفق استراتيجية شاملة لإعادة رسم خريطة الصناعة الوطنية.

شارك هذه المقالة