Times of Egypt

إسرائيل.. من داوود إلى جالوت!

M.Adam
عبدالله عبدالسلام 

عبدالله عبدالسلام

لم يكن حبر البيان الختامي للقمة العربية والإسلامية الطارئة في الدوحة.. قد جف، ولم تمضِ ساعات على تأكيد لجنة تحقيق مستقلة – تابعة للأمم المتحدة – أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة، قبل يوم واحد من سريان العقوبات.. التي فرضها الاتحاد الأوروبي على الوزراء المتطرفين، والمستوطنين مرتكبي الجرائم ضد الفلسطينيين. إضافة إلى تعليق بعض بنود اتفاقيات التجارة الأوروبية مع دولة الاحتلال، حتى ضربت إسرائيل عرض الحائط بكل ذلك. بدأت هجومها البري – قبل ثلاثة أيام – على مدينة غزة. آلاف الفلسطينيين يفرون من الموت، ليجدوا الموت نفسه ينتظرهم بأقنعة أخرى.. في وسط وجنوب القطاع.

يعتقد نتنياهو – وعصابته المتطرفة – أن المعركة الصفرية ستنتهي.. بدفن القضية الفلسطينية. لكن التاريخ له أساليبه (ودهاؤه).. في تحويل النصر الموهوم إلى خسارة طويلة الأمد. وربما نهاية لهؤلاء الطغاة ومغتصبي الأرض والشعوب. ففي الوقت الذي ينتصر فيه الاحتلال.. أمام شعب أعزل، يلقى خسارة.. ستكون لها تداعياتها على مستقبل الدولة الصهيونية ذاته. 

إسرائيل – التي نجحت في تصوير نفسها.. على مدى عشرات السنين – أنها دولة صغيرة تعيش في منطقة معادية، لا تريد الاعتراف بها، أصبحت «جالوت» الجديد.. ذلك العملاق في التراث الديني اليهودي، الذي أراد القضاء على اليهود، لكن داوود هزمه وقتله. إسرائيل الآن – في نظر العالم – كيان يغتر بقوته، لا يهمه سوى القتل والتدمير. لا يراعي حرمة للقانون الدولي، ولا للقيم الإنسانية.

عندما تتوقف الحرب، لن تعود الأمور إلى ما كانت عليه. 

صورة إسرائيل تغيرت للأبد. غالبية شعوب العالم تنظر للإسرائيليين.. على أنهم مرتكبو إبادة جماعية. تعبير «حيوانات بشرية» – الذي أطلقه وزير الدفاع السابق جالات على الفلسطينيين – دخل القاموس الدولي. مايكل كوبلو – الباحث في «منتدى السياسة الإسرائيلية» بواشنطن – يقول إن الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني سيكون أهم قضية في السياسة الخارجية الأمريكية لدى الديمقراطيين.. في انتخابات الرئاسة المقبلة 2028. المؤيدون لإسرائيل سيجدون صعوبة شديدة في الدفاع عنها. 

زهران ممداني – المرشح المسلم والمعادي لإسرائيل.. للفوز بمنصب عمدة نيويورك في نوفمبر المقبل – لم يكن سيحظى بهذه الشعبية، لولا أفعال نتنياهو في غزة.. كما يقول كوبلو. حتى حركة «لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً».. المتطرفة – المؤيدة لترامب – دبت فيها الانقسامات، بشأن دعم الإدارة الأمريكية المطلق لإسرائيل. لأول مرة على الإطلاق، يفوق عدد الأمريكيين المتعاطفين مع الفلسطينيين.. مؤيدي إسرائيل.

هذا ليس في أمريكا وحدها. أوروبا تغلي بالغضب والكراهية.. لأفعال وجرائم الاحتلال. عشرات الجامعات أنهت علاقاتها بالجامعات الإسرائيلية. المقاطعة تلقى تأييداً كبيراً. منع المشاركات الإسرائيلية في الفعاليات الفنية والرياضية – كما حدث في إسبانيا قبل أيام – يتصدر الأخبار. 

في ظل هذا الرفض العالمي لدولة الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، لا يجد نتنياهو أمامه سوى دعوة الإسرائيليين.. إلى الاستعداد لمستقبل من العزلة. أن تكون دولتهم على غرار «إسبرطة» (الدولة/المدينة اليونانية القديمة).. التي اعتقدت أن القوة هي السلاح الوحيد للعيش. لم تدرك أن هناك دائماً من هم أقوى منها، وأن التاريخ يقول إن القوة ليست أبدية. 

… زالت إسبرطة من الوجود. إسرائيل تسير على نفس الطريق.

نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة