Times of Egypt

أهرامات مصر الخالدة

M.Adam
زاهي حواس

زاهي حواس

كان الأمير الوراثي (ولي العهد) خنوم خو إف وي (الإله خنوم يحميني) – والذي سيُعرف طوال التاريخ باسمه المختصر خوفو – يعيش في القصر الملكي.. الذي شيَّده أبوه الملك العظيم سنفرو بدهشور.

كان خوفو شديد الولع بالعمارة وفنون البناء بالحجر، وهي الفنون التي بدأها المصريون القدماء على نطاق واسع منذ عهد الجدّ العظيم زوسر.. صاحب الهرم المدرج في سقارة.

حرص الأمير الشاب على مراقبة عمه المهندس الملكي العبقري نفر ماعت (هناك من يعتقد أنه ابن الملك سنفرو من زوجة ثانوية).. وهو يبني أهرامات أخيه الملك سنفرو واحداً تلو الآخر، حتى وصلت إلى أربعة أهرامات. بدأ في منطقة ميدوم فشيّد هرماً مدرّجاً، وقيل إن ضخامة البناء أدت إلى كارثة معمارية بانهيار قمة الهرم.

بعدها انتقل إلى دهشور، وبدأ حلمه بتشييد أول هرم كامل غير مدرَّج، وهو الهرم المعروف اليوم باسم الهرم المنكسر؛ نتيجة قيام المهندس المعماري بتغيير زاوية البناء في الثلث الأخير من الهرم لتقليل حجمه، وربما إنقاذاً للأسقف الداخلية.. التي بدأت تئن تحت وطأة كتلة الهرم الكبيرة.

كان من الواضح أن زاوية البناء – التي تم اختيارها من البداية – كانت أكبر قليلاً من الزاوية المثالية لبناء الأهرامات الحقيقية (وليست المدرجة)، ولذلك كان كسر تلك الزاوية في الثلث الأخير من البناء.. هو الحل المثالي.

ونحن الآن بالفعل مدينون للمهندس العبقري نفر ماعت.. بهذا الحل؛ فحتى يومنا هذا يُعتبر الهرم المنكسر الزاوية هو أكمل الأهرامات المصرية وأكثرها حفظاً على الإطلاق، حتى إن أحجار الكساء الخارجي لا تزال في مواضعها.. بشكل مثير للعجب والدهشة.

لذلك، فمن الأعمال التي أعتز بها – عندما كنت مسؤولاً عن آثار مصر – هو تنفيذ أعمال ترميم الهرم وإعادة فتحه للزيارة. 

وبعد أن أتم نفر ماعت بناء الهرم، قام باختيار موضع آخر قريب من الهرم المنكسر.. ليشيِّد بكل جرأة هرماً آخر، هو أول هرم كبير الحجم.. يُبنى منذ البداية كهرم كامل؛ لا هو مدرّج ولا هو منكسر. هذا الهرم معروف باسم الهرم الشمالي أو الهرم الأحمر.. نظراً للون أحجاره الجيرية المحلية المائلة إلى الاحمرار.

بعد ذلك، عاد نفر ماعت إلى ميدوم، وأنهى مرة أخرى المجموعة الهرمية هناك، وبالقرب من ميدوم – في المنطقة التي تُعرف باسم سيلا – عُثر على هرم مدرّج آخر للملك سنفرو، لا تزال وظيفته غير معروفة تماماً.. إلى يومنا هذا؛ فهل هو هرم طقسي مرتبط بالملكية، أم يخدم وظيفة أخرى دينية أو إدارية؟

تعلّم المهندس المعماري حم إيونو، والمهندس المعماري عنخ حاف، أصول الهندسة المعمارية من نفر ماعت، وعملا على التوالي في بناء الهرم الأكبر – هرم الملك خوفو – في الجيزة، كما قام عنخ حاف ببناء الهرم الثاني، هرم الملك خفرع بالجيزة. 

وقع اختيار الملك خوفو وابن عمه ومهندسه المعماري – الأمير حم إيونو – على هضبة الجيزة.. لتكون موضعاً لهرمه الجديد؛ إذ تتوافر بها أحجار ضخمة.. تصلح لبناء هرم عظيم، فهي جزء من هضبة المقطم وتنقسم إلى ثلاث مستويات:

الأول والثاني أحجار ضعيفة، أما الطبقة الثالثة فهي التي تحتوي على الأحجار التي بُني بها الهرم.

حدَّد حم إيونو موقع المحاجر الذي يبعد حوالي 300 متر فقط إلى الناحية الجنوبية من هرم الملك خوفو. وبعد أن حفر في الصخر وأقام قاعدة الهرم بارتفاع 8 أمتار من الصخر، قام بعمل طريق صاعد لنقل الأحجار من المحجر ليتصل بالناحية الجنوبية الغربية كطريق إمدادات ثابت.

يقال إن خوفو وضع كتاباً، لكننا لا نعرف موضوعه، وهل هذا الكتاب المزعوم وُضع داخل الهرم.. كما أشار عالم المصريات الإنجليزي إيفور إدواردز؟

جاء الكشف عن برديات وادي الجرف.. كأعظم كشف أثري حديث، وبالنسبة لي هو أهم من كشف مقبرة توت عنخ آمون؛ فللمرة الأولى.. لدينا معلومات عن هرم الملك خوفو، من يوميات المشرف مرر، الذي عمل في بناء الهرم مع فرقته من العمال تحت إمرته.

ذكر مرر.. أن رئيسه المباشر كان يُدعى ددي، وقد كشفتُ عن مقبرة ددي، ونشرتها منذ زمن قصير.

حدثنا مرر عن قطع أحجار الكساء من طرة، وأن خوفو كان يعيش داخل قصره بالقرب من الهرم، داخل مدينة اسمها عنخ خوفو (بمعنى «خوفو يحيا»). وأشار مرر إلى العام السابع والعشرين من حكم خوفو، وأن مهندس بناء الهرم هو عنخ حاف؛ لذا نعتقد أن حم إيونو كان قد مات أثناء بناء الهرم، وتولى بعده أخوه عنخ حاف المهمة.

أشار مرر.. إلى دخوله بالأحجار إلى منطقة را-شي عند مدخل الهرم، وقد استغرق يوماً كاملاً لدخول المنطقة. هذا، وقد عثر فريق بحث ياباني.. على نقش داخل حفرة المركب الثانية، يشير إلى العام الثامن والعشرين من حكم الملك خوفو، الذي ربما يكون قد مات في هذا التاريخ، ليشرِف بعدها ابنه الملك جدف رع.. على دفنه ودفن المراكب في حفراتها.

نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة