عبدالله عبدالسلام
«ما إن وضعت الممرضة مولودنا على السرير بجوار أمه، حتى قمت بطقس دأب الآباء المسلمون على القيام به.. مع أطفالهم حديثي الولادة. همست في أذني موسى بالشهادتين.. أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله. في اليوم التالي زارنا في المستشفى والداي.. اللذان وُلدا في مصر وهاجرا إلى أمريكا في سبعينيات القرن الماضي. اقترب أبي مني وسألني بالعربية: هل نطقت بالشهادتين في أذنه؟. أجبت نعم. أصر: في أذنه اليمنى؟ كررت: «نعم.. كان ذلك أول ما سمعه». انحنى بابا، وقرأ الشهادتين بنفسه في أذن «موسى».
هذا جزء من تجربة أيمن إسماعيل – الصحفي المصري الأمريكي (35 عاماً) – عن معنى أن تكون أباً مصرياً مسلماً في أمريكا، التي ضمنها في كتابه الجديد: «أن تصبح بابا.. الأبوة والإيمان والبحث عن المعنى في أمريكا». الكتاب يستكشف رحلة مواطن أمريكي.. من أصل مصري، وكيف تعامل مع قضايا الهوية والإيمان والأبوة. نشأ في نيوجيرسي. لم يكن ملتزماً دينياً في مراهقته. يقول: «كان الوالدان قلقين.. بشأن ما إذا كنت سأتمسك بإيمان عائلتنا وتقاليدها. عندما وُلد طفلي الأول عام 2021، بدأت أتفهم شعورهما. لم يكن الأمر مجرد السعي لتعميق علاقتي بالله فقط، بل أصبحت الآن مسؤولاً كذلك.. عن غرس حب الله في ابني».
ويستطرد: «بعد ولادته، تزايدت مخاوفي – ومخاوف والداي – من أن تكون قد بدأت رحلة انقطاع صلة عائلتي بالتقاليد العربية والإسلامية.. التي حافظت عليها هذه العائلة. لغتي العربية لم تكن بنفس لغة أمي وأبي، لكنني حاولت تعليم ابني العربية. شخصياً، لا أواظب على الصلاة بانتظام، لكن مسؤوليتي الجديدة.. هي ضمان ارتباط أطفالي بالدين والتقاليد العربية والإسلامية. لم أخطط لتربية أطفالي (أصبح أيمن أباً لطفل ثانٍ) تربية إسلامية، بل كان الأمر متجذراً لدي. أصبحت أفهم معنى أن تكون أباً مسلماً في أمريكا».
لم يكن هاجس الانصهار في الغربة، ونسيان القيم الدينية والتقاليد المصرية والعربية.. هاجسه فقط، بل هاجس والديه.. اللذين كانا يخشيان على أحفادهما من الذوبان. أمه أخبرته أنها – طوال وجودها في أمريكا – كانت تخشى فقدان أطفالها هويتهم وتقاليدهم. أرسلتهم إلى مدارس إسلامية لتعلم القرآن الكريم. تحدثت في المنزل بالعربية. انتقل الهاجس إلى المؤلف، الذي كانت ولادة طفله تغييراً جذرياً في نظرته للأمور. يقول: «لأول مرة، تضرعت إلى الله بصدق، وليس من باب رد الفعل. رددت كلمات حفظتها في طفولتي، ليس بشكل آلي بل بقصد. لم أكن أطلب معجزة. أردت أن أستبين الطريق لأطفالي، وأن أتعهد أمام الله.. بتربيتهم تربية سليمة».
الكتاب ليس فقط قصة أب مصري شاب، يحاول زرع عادات وقيم مجتمعه الأصلي.. في أولاده، بل بحثاً عن معنى الحياة. يصارع الصحفي الشاب أسئلة الهوية والإيمان والأبوة، ويجد طريقته الخاصة للوصول إلى إجابات. والده تقبل الأبوة بتلقائية وثقة، لكنه عندما أصبح أباً، لم يكن الأمر طبيعياً. شعر بأنه غير مستعد. ومع ذلك، حاول، واجتهد، وسار على الطريق الصحيح، بل إنه سجل تجربته كي يستفيد منها الآخرون.
نقلاً عن «المصري اليوم»