Times of Egypt

أشكودرا.. لؤلؤة البلقان وملتقى الحضارات (صور)

M.Adam

في قلب منطقة البلقان، حيث يتعانق الشرق والغرب، تبرز مدينة “أشكودرا” كلوحة فنية ساحرة تجمع بين عبق التاريخ وجمال الطبيعة. هذه المدينة الألبانية العريقة ليست مجرد مكان جغرافي؛ بل هي مزيج متناغم من الثقافات المتراكمة والمعالم التي تحكي قصص حضارات تعاقبت على أرضها. من أنهارها المتدفقة وبحيراتها الخلابة إلى عمارتها المتنوعة وشوارعها التي تنبض بالحياة، تُعد “أشكودرا” وجهة استثنائية لعشاق المغامرة، التاريخ، والثقافة.

أرض الأنهار والبحيرات: سيمفونية الطبيعة

تستحق “أشكودرا” لقب “مدينة الأنهار” بجدارة؛ فهي تحتضن ثلاثة أنهار رئيسية، من بينها أطول نهر في ألبانيا، الذي ينبع من بحيرة أوهريد التاريخية جنوب البلاد، ليكمل رحلته شمالًا نحو بحيرة أشكودرا، الأكبر في منطقة البلقان. هذا الامتداد المائي المذهل يُضفي على المدينة طابعًا طبيعيًا أخَّاذًا، حيث يتناغم مع السهول الخصبة وتلالها المرتفعة، وصولًا إلى قمم جبال الألب الألبانية الشاهقة.

في قلب هذه الجغرافيا، يلعب سد فييرزا دورًا حيويًا؛ إذ يُعد الأكبر في منطقة البلقان، ويُزود ألبانيا بحوالي 70% من احتياجاتها من الكهرباء، مما يُبرز أهمية المدينة اقتصاديًا وبيئيًا.

33

بحيرة أشكودرا: محمية طبيعية تتحدى الزمن

تُعتبر بحيرة أشكودرا واحدة من أبرز المحميات الطبيعية في أوروبا، حيث تزخر بتنوع بيولوجي استثنائي يضم نباتات وحيوانات نادرة. هذه البحيرة هي ملاذ لعشاق الحياة البرية والمغامرة، إذ تُشكل محطة مثالية لمراقبة الطيور البحرية المهاجرة والكائنات التي تتخذ من البحيرة موطنًا لها.

أشكودرا.. مدينة متحفية بامتياز

على الصعيد الثقافي، تُعد أشكودرا “مدينة متحفية” تجمع بين الماضي والحاضر. فرغم اندماج “شبكة المتاحف السبعة” التي كانت متناثرة عبر المدينة في متحف مركزي، إلا أن المدينة واصلت الحفاظ على رونقها الثقافي المميز.

77

من أبرز معالمها “متحف ماروبي الوطني للتصوير الفوتوغرافي”، الذي يُعد الأقدم في منطقة البلقان. هذا المتحف يُوثق تاريخ ألبانيا من خلال آلاف الصور الفوتوغرافية التي تعود لأكثر من قرن. وقد نال المتحف شهرة عالمية بترشيحه لجائزة “متحف العام الأوروبي” عام 2017.

العمارة المتنوعة.. تمازج الحضارات

تُجسد عمارة أشكودرا تاريخها الغني وتنوعها الثقافي، إذ تأثرت بالعديد من الحضارات التي تركت بصماتها على المدينة، بدءًا من الفينيقيين والرومان وصولًا إلى العثمانيين والأوروبيين.

55

الطراز العثماني: يظهر في مساجدها التاريخية وبيوتها التقليدية ذات الأسقف الخشبية والنوافذ الكبيرة التي تُضيئها الشمس.

الطابع الفينيسي والإيطالي: يتجلى بوضوح في “شارع كولي إدرومينو”، الذي صممه المهندس الألباني الشهير كولي إدرومينو في أوائل القرن العشرين. هذا الشارع الساحر، الذي يمتد لمسافة 800 متر، يُعتبر وجهة سياحية مفعمة بالحياة، بفضل مبانيه المزخرفة وتحوله إلى مركز يجمع بين المقاهي والمتاجر والفنادق.

برج ساعة الإنجليز: أو “كولا الإنجليزي”، الذي يُعد أحد رموز المدينة، يعكس التأثير الأوروبي الحديث ويمثل مزيجًا معماريًا فريدًا بين التراث الغربي والهوية المحلية.

44

التقاليد التعليمية والتراث الإسلامي

لعبت أشكودرا دورًا محوريًا في الحفاظ على التراث الإسلامي في ألبانيا؛ إذ احتضنت المدارس والمساجد التي كانت مراكزًا رئيسية للعلم والفكر. تخرَّج من هذه المؤسسات علماء بارزون ساهموا في النهضة التعليمية والدينية في المنطقة خلال العهد العثماني.

السياحة الثقافية: عبق التاريخ وأصالة الضيافة

لا تكتمل زيارة أشكودرا دون الإقامة في فندق “تراديتا” التاريخي، الذي يعود تاريخه إلى عام 1694. كان هذا الفندق مقرًا لعائلة أرستقراطية في الماضي، ويمثل اليوم وجهة سياحية فاخرة تجمع بين روح التراث العثماني وجمال التقاليد الألبانية.

66

أشكودرا: الوجهة المثالية لعشاق المغامرة والمعرفة

تظل “أشكودرا” مدينةً تُمثل تناغمًا استثنائيًا بين سخاء الطبيعة وثراء التاريخ، مما جعلها بحق “لؤلؤة البلقان”. سواء كنت من عشاق المغامرة في أحضان الطبيعة أو من محبي الغوص في أعماق التاريخ والثقافة، فإن أشكودرا تَعِدُك بتجربة لا تُنسى.

22

وتجمع أشكودرا بين الطبيعة الساحرة، التراث المعماري الغني، والروح الثقافية النابضة. إنها مدينة تروي قصص الزمن وتُجسد التقاء الشرق والغرب في أبهى صورة، لتبقى وجهة لا مثيل لها في منطقة البلقان.

شارك هذه المقالة