عد أسبوع كان الأسوأ منذ أكثر من 6 أشهر، استعاد الذهب بريقه مجدداً، مدفوعاً بجملة من الأنباء الاقتصادية «السيئة» التي تحولت إلى فرصة للمضاربين، ليرتفع المعدن الأصفر بقوة في التعاملات الصباحية اليوم الاثنين، مستفيداً من تراجع الدولار وتجدد التوترات التجارية، إلى جانب خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة من قبل وكالة “موديز”.
قفزة جديدة بعد هبوط حاد
بعد أن فقد الذهب نحو 4.7% من قيمته الأسبوع الماضي، عادت الأسعار إلى الصعود اليوم ، إذ ارتفعت في المعاملات الفورية بحلول الساعة الرابعة صباحاً بنسبة 0.7%، أو ما يعادل 21 دولاراً، لتسجل نحو 3225 دولاراً للأونصة، بعد أن لامست ذروة عند 3249 دولاراً خلال التعاملات المبكرة.
وفي العقود الأميركية الآجلة لتسليم يونيو، قفزت الأسعار بنسبة 2% أو ما يعادل 60 دولاراً إلى 3252 دولاراً للأونصة، قبل أن تقلص بعض المكاسب وتتراجع إلى مستوى يقارب 3225 دولاراً لاحقاً.
لكن لاحقاً في نفس الجلسة، عاد الذهب للتراجع إلى 3188.25 دولاراً للأونصة في المعاملات الفورية، بينما هبطت العقود الآجلة بنسبة 1.2% إلى 3187.2 دولاراً.
خلفيات الصعود: موديز والتوترات الجمركية
أحد المحركات الرئيسة لصعود الذهب هو خفض وكالة “موديز” التصنيف الائتماني للولايات المتحدة، ما أضعف الدولار وأثار توقعات بخفض أسعار الفائدة، وهي ظروف تقليدية تعزز من جاذبية الذهب كأصل آمن.
كما ساهمت تصريحات وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، التي أعاد فيها تأكيد تهديدات الرئيس دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية على الدول التي لا تتفاوض “بحسن نية”، في تأجيج المخاوف من تصاعد التوترات التجارية العالمية، ما دفع المستثمرين مجدداً إلى التوجه نحو الذهب كملاذ آمن.
وفي الوقت نفسه، تواجه إدارة ترامب معارضة داخل الحزب الجمهوري بشأن مشروع قانون جديد لخفض الضرائب، يُتوقع أن يضيف ما بين 3 إلى 5 تريليونات دولار إلى الدين العام الأميركي خلال العقد المقبل.
أسبوع أسود للمعدن الأصفر
خلال الأسبوع الماضي، سجل الذهب أسوأ أداء أسبوعي منذ نوفمبر الماضي، متراجعاً بنسبة 4.7% أو ما يعادل 156.8 دولاراً، بعد أن هدأت التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين مع الإعلان عن اتفاق جزئي، مما شجع على الإقبال على الأصول الخطرة وأضعف الطلب على الذهب.
وكانت أسعار الذهب قد سجلت مستويات قياسية الشهر الماضي، بلغت 3500.05 دولاراً في المعاملات الفورية و3509 دولاراً في العقود الآجلة، مدفوعة بتصاعد الحرب التجارية.
“سيتي غروب” يخفض التوقعات
في تحوّل مهم، خفّض بنك “سيتي غروب” هذا الأسبوع توقعاته لأسعار الذهب خلال الأشهر الثلاثة المقبلة إلى 3150 دولاراً للأونصة، بعد أن كانت التقديرات السابقة تشير إلى إمكانية بلوغ 3500 دولاراً، مشيراً إلى احتمال حدوث تصحيح سعري بعد القفزات الأخيرة.
ورجّح محللو البنك أن تتراوح أسعار الذهب في الأجل القريب بين 3000 و3300 دولاراً، نتيجة لانحسار التوترات التجارية وصدور بيانات اقتصادية تؤجل رهانات خفض الفائدة إلى سبتمبر أو أكتوبر المقبلين.
مخاوف على مكانة أميركا كملاذ آمن
وفي مذكرة حديثة، كتب اقتصاديون لدى بنك “إيه إن زد” أن “التركيز المتزايد على مخاطر النمو في الولايات المتحدة وأجندة السياسات الاقتصادية للإدارة الأميركية، قد يثير الشكوك حول مكانة الولايات المتحدة كملاذ آمن للمستثمرين”، وهو ما يعزز بدوره جاذبية الذهب في فترات الاضطراب.
رغم موجة الصعود الحالية، إلا أن الآفاق تظل غير مستقرة. فالسوق يتقلب بين بيانات اقتصادية غير مشجعة من جهة، وتوقعات بتأجيل خفض الفائدة من جهة أخرى، ما يضع الذهب في مواجهة بين قوى صاعدة وأخرى ضاغطة. فهل يستمر المعدن النفيس في استعادة بريقه أم أن التصحيح بات وشيكاً؟