استقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم السبت، نظيره السوري أحمد الشرع في إسطنبول، في أول لقاء علني بين الطرفين منذ سنوات. اللقاء، الذي جرى بقصر دولمة بهجة التاريخي، يعكس تغيرًا في ديناميكيات الأزمة السورية، ويفتح الباب أمام تفاهمات أمنية وعسكرية جديدة تشمل تركيا، سوريا، العراق، والولايات المتحدة.
لقاء رسمي رفيع المستوى
بثت قناة “تي آر تي خبر” الحكومية صورًا تظهر الرئيس السوري أحمد الشرع وهو يصافح نظيره التركي في مكتب أردوغان، في مشهد غير مألوف على صعيد العلاقات بين أنقرة ودمشق التي شهدت توترًا حادًا منذ أكثر من عقد.
وبحسب وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، رافق الشرع في زيارته وزير الخارجية أسعد الشيباني ووزير الدفاع اللواء مرهف أبو قصرة، حيث من المقرر أن يعقدا اجتماعات مع نظيريهما التركيين لمناقشة ملفات مشتركة، وعلى رأسها الأمن على الحدود ومصير مناطق الشمال الشرقي من سوريا.
رسائل أردوغان إلى دمشق: نفّذوا اتفاق قسد
في تصريحات سابقة من بودابست، شدد الرئيس أردوغان على أهمية تنفيذ الاتفاق الذي وقعته الحكومة السورية مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) والمدعومة من الولايات المتحدة، بشأن دمج هذه القوات في الجيش السوري النظامي. وقال أردوغان إن “من المهم ألا تصرف إدارة دمشق اهتمامها عن هذه المسألة، فمصير هذه القوات يؤثر بشكل مباشر على أمن تركيا والمنطقة”.
لجنة إقليمية لمصير مقاتلي داعش
أردوغان كشف أيضًا عن تشكيل لجنة رباعية تضم تركيا وسوريا والعراق والولايات المتحدة، لبحث مستقبل مقاتلي تنظيم داعش المحتجزين في معسكرات شمال شرق سوريا، والتي تديرها “قسد” منذ سنوات.
وأوضح أردوغان أن تركيا تتابع عن كثب ملف “وحدات حماية الشعب الكردية” باعتبارها امتدادًا لحزب العمال الكردستاني (PKK) المصنف إرهابيًا، مؤكدا ضرورة أن يكون هناك موقف موحد حيال هؤلاء المقاتلين.
ملف “الهول” على طاولة النقاش
تناول أردوغان أيضًا معضلة مخيم الهول الذي يضم آلاف النساء والأطفال المرتبطين بتنظيم داعش، مشيرًا إلى أن الغالبية من السوريين والعراقيين، ويجب العمل على إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية، مشددًا على أن العراق يتحمل جزءًا كبيرًا من هذا الملف.
هل يمهّد اللقاء لانفراجة إقليمية؟
يأتي هذا اللقاء بعد شهور من مؤشرات تهدئة تركية مع سوريا، بدأت بوساطات روسية وإيرانية، وتشير إلى احتمالية عودة العلاقات تدريجيًا، خصوصًا في ظل تغير أولويات الأطراف المعنية بالأزمة السورية، وتنامي التحديات المشتركة مثل الإرهاب، والهجرة، والأمن الحدودي.
ويرى مراقبون أن اللقاء قد يشكل بداية مسار تفاوضي مباشر بين أنقرة ودمشق حول ملفات طالما كانت عالقة، أبرزها وضع القوات التركية في شمال سوريا، ومصير إدلب، ودور الفصائل السورية المسلحة المدعومة من تركيا.