Times of Egypt

يعقوب والفقي وفهمي… نجوم من طراز خاص  

Mohamed Bosila
زاهي حواس

زاهي حواس  

مجدي يعقوب أمير القلوب 

احتفلت مؤسسة مجدي يعقوب بمرور 15 عاماً على إنقاذ الآلاف من مرضى القلب٫ معظمهم من الأطفال في عمر الزهور، ومنهم آلاف من الأطفال حديثي الولادة.. ممن وُلدوا بمشاكل في عضلة القلب. أقام السير مجدي يعقوب أهم مركز لجراحات وعلاج القلب في أسوان. ورغم شهرته في إنجلترا ومنحه لقب سير من الملكة إليزابيث، إلا أنه لم ينسَ بلده، وأراد أن يحقق حلمه بإنشاء مركز مجدي يعقوب للقلب في قلب أولى محافظات مصر من الجنوب، وسط أجمل طبيعة مصرية وبين أجمل ناس – أهل أسوان. 

أقيم الحفل في الهواء الطلق خارج المتحف المصري الكبير، وحضره مئات من الشخصيات العامة ونجوم مصر في كل المجالات حباً وتقديراً لمكانة السير مجدي يعقوب. قابلت في الحفل صديقي الدكتور خالد عبدالغفار وزير الصحة والسكان ونائب رئيس مجلس الوزراء، والدكتورة رانيا المشاط وزيرة التعاون الدولي، والدكتور طارق الملا وزير البترول السابق، والدكتور أحمد سامح فريد رئيس جامعة نيو جيزة، والإعلامية سهير جودة، والفنانة هالة صدقي، واللواء عاطف مفتاح.. المشرف على إنشاء المتحف المصري الكبير، والصديق الدكتور أحمد غنيم الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف الكبير، وكثير من الأصدقاء الذين من الصعب أن تجدهم مجتمعين في زمان ومكان واحد، نظرًا لمشاغلهم ومهامهم الكبيرة.  

كانت ليلة جميلة، عزف فيها الفنان الرائع عمر خيرت أجمل القطع الموسيقية من أمام المتحف الذي يحفظ كنوز مصر الرائعة، ويكفي أن من بينها كنوز الملك توت عنخ آمون، وكنوز الملكة حتب حرس.. أم الملك خوفو التي تُعتبر أقدم مقبرة ملكية يتم كشفها كاملة، ولكن للأسف الشديد لم يحصل هذا الكشف على الدعاية المطلوبة، وذلك لأن الكشف حدث في عام 1925، وفي هذا العام كان هوارد كارتر يقوم بفتح حجرة الدفن الخاصة بالملك توت عنخ آمون وتوابيته الذهبية. وبالطبع كانت هناك جميع الصحف المصرية والعالمية بالأقصر، ولذلك لم يهتموا بكشف كنوز الملكة حتب حرس. 

دعاني رجل الأعمال توفيق دياب – نجل صديقي صلاح دياب – الذي يُعتبر من أهم الداعمين والممولين لمؤسسة مجدي يعقوب، لحضور الحفل. وأذكر أن صلاح دياب عندما قرر أن يُجري عملية في القلب كان بإمكانه أن يُجريها في أي مكان بالعالم، لكنه فضَّل أن يسافر إلى أسوان لكي يُجري له مجدي يعقوب العملية. وكان صديقي الفنان الراحل عمر الشريف دائماً ما يمتدح مجدي يعقوب ويعتبره من أهم الأشخاص في حياته، لأنه أنقذ حياته؛ فقد كان عمر من المدخنين بشراهة، وفي ذات ليلة أحس بضيق في التنفس وكاد أن يموت، ويومها قال لو عشت للصباح فسوف أقلع عن التدخين. وقام مجدي يعقوب بإجراء جراحة ناجحة لقلب عمر الشريف.  

كما أنني ما زلت أذكر أن صديقي رجل الأعمال الجميل سميح ساويرس.. دعاني لزيارة مركز مجدي يعقوب للقلب في أسوان، وهناك تأكدت أنني داخل مستشفى عالمي، نظافةً ونظاماً وانضباطاً وأطباء من الشباب وطاقم تمريض رائعاً، وكل شيء بالمجان. ولمن لا يعرف، فإن مثل هذا المكان الذي يقدم خدمات جليلة وهي إنقاذ حياة الناس، وبدون مقابل، لا تجد له مثيلاً في أمريكا. ولهذا يجب على رجال الأعمال والموسرين، بل كل إنسان يعرف بوجود مثل هذا المكان أن يتبرع له بالمال.. لتغطية نفقات الجراحات ومستلزماتها، وتكلفة العلاجات والأجهزة التي يحتاجها المركز. وهناك مؤسسة مجدي يعقوب التي تقوم منذ سنوات بإنشاء أكبر صرح طبي لجراحات القلب في الشرق الأوسط في القاهرة، وعلينا جميعاً أن نساهم في الانتهاء منه، حتى يجد كل من يحتاج العلاج، سواء مصري أو عربي، المكان الذي يطمئن فيه على حياته، وأنه بين أيدي ملائكة في صورة بشر. 

تكريم مصطفى الفقى 

سعدت عندما علمت أن الدكتور أحمد هنو وزير الثقافة والدكتور أسامة طلعت أمين عام المجلس الأعلى للثقافة سوف يكرمان صديقي القريب إلى قلبي الدكتور مصطفى الفقي بمناسبة بلوغه سن الـ80. وأجمل ما في هذا التكريم أنه يحدث في حياة مصطفى الفقي الذي أدعو الله أن يمد له في عمره بوافر الصحة. للأسف الشديد تعودنا دائماً أن نقوم بتكريم رموزنا بعد وفاتهم، وكأننا نبخل عليهم بفرحة تكريمهم في حياتهم! 

أقيم الاحتفال داخل مبنى وزارة الثقافة، وقد حضره كل أصدقاء الدكتور مصطفى الفقي الذي لم تفارق الفرحة وجهه وهو يستمع إلى كلمات التكريم التي ترصد تاريخه وإنجازاته ومشواره الطويل في مراكز صنع القرار. تقلد الفقي الكثير من المناصب الدبلوماسية، حتى وصل إلى سفير من الدرجة الأولى، وكان مرشحاً أميناً عاماً لجامعة الدول العربية، وهو من أشهر من تقلدوا منصب مدير مكتب رئيس الجمهورية للمعلومات، ورئيس لجنة العلاقات الثقافية بمجلس الشعب، وكان آخر ما تقلده من مناصب والتي أبدع فيها هو منصب مدير مكتبة الإسكندرية. والحقيقة أن كلاً من الدكتور إسماعيل سراج الدين ومصطفى الفقي سوف يظلان وللأبد أهم من أدارا مكتبة الإسكندرية. استطاع الفقي إدارة مكتبة الإسكندرية وتجديد حيويتها ونشاطها، وذلك بالفعاليات والمشروعات الكبيرة التي أنجزها، وكان يحلم بإنشاء مركز باسم عمرو موسى، مثلما قام بإنشاء مركز للآثار والتراث بالمكتبة تكريماً لاسمي. 

تمتعت بقراءة كتابه الرائع «الرواية.. رحلة الزمان والمكان» والذي وضع فيه أهم محطات حياته والأحداث التي عاصرها؛ وكان إما فاعلاً بها أو شاهداً عليها؛ خلاصة تجاربه وفكره وآرائه فيمن عمل معهم أو اصطدم بهم خلال مشوار ممتد لعقود من الزمان. وقد حدث أنني توقفت عند ما كتبه عن بداية تعلمه فن الإلقاء والخطابة وهو صبي صغير في بداية حياته في محافظة البحيرة. وذكر أنه كان يذهب فوق سطح المنزل ويدخل إلى عشة الفراخ، ويظل يخطب، وعندما كان يرى الدجاج يصيح ويرفرف بأجنحته تغمره السعادة! وعندما كتبت عن هذه القصة وجدته يتصل بي وهو غاضب، ووجدته يقول بخفة ظله: «يعني إنت يا زاهي قريت الكتاب ولم تجد به شيئاً تكتب عنه غير عشة الفراخ!». 

إن مصطفى الفقي هو أمهر من يحكي القصص، وعنده طريقة جذابة في السرد، بل يمكنني القول إنه مؤلف مسرحي من الطراز الأول، يقوم بعمل بناء درامي وحبكة ممتازة لكل موقف مر به في حياته، وعندما يقصه على أحد فهو يعرف تماماً من أين يبدأ القصة، ومتى يعلو بالبناء الدرامي لها وكيف ينهيها، ولا يستطيع أحد من المستمعين المقاطعة أو حتى التعليق على ما يقول، فقط الانبهار بهذه الكاريزما الطاغية. ولعل من الأمور التي قد لا يعلمها الناس عن مصطفى الفقي أنه إنسان بعقل مفكر حكيم وفيلسوف وقلب طفل صغير، يتأثر بكل مَن حوله، ولا يدّخر وسعاً لمساعدة أي إنسان يلجأ إليه في مطلب أو مسألة، سواء كانت في استطاعته أو فوق قدرته.. المهم أنه لا يصد أي إنسان يلجأ إليه، ولعل هذا من أسباب ما حباه الله به من حب الناس له. 

افتتح حفل التكريم الوزير الدكتور أسامة طلعت بكلمة رائعة، وبعد ذلك تحدَّث الدكتور علي الدين هلال الذي حدثنا بأسلوب جذاب عن حياة الفقي منذ أن كان طالباً في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية. وأرى أنه من المهم تسجيل ما قاله الدكتور علي الدين هلال، لما فيه من أهمية لأي دارس في المستقبل يحاول أن يكتب عن الفقي. وتحدَّث الدكتور أحمد يوسف، مدير معهد الدراسات بالأهرام، والسفير أشرف راشد الذي عمل مع الفقي في فيينا، وكذلك تحدث أشرف العشري عن مقالات الفقي في جريدة الأهرام على مدار أربعة عقود. كانت حقاً أمسية رائعة مليئة بالدفء والمشاعر الصادقة نحو رجل عظيم.. مصطفى الفقي. 

الفنان حسين فهمي 

حضرت حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي.. في دورته هذا العام، الذي أقيم بدار الأوبرا المصرية. وقد عاتبني صديقي الفنان الكبير حسين فهمي على عدم حضوري حفل المهرجان السابق، وقال لي مداعباً إنه لن يسمح لي بالدخول.. بدون ملابس السهرة الرسمية الكاملة! لذلك نفذت الأوامر وذهبت إلى الحفل، ومشيت على السجادة الحمراء ومعي صديقي الدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار السابق. 

نجح حسين فهمي في إضفاء جو من البهجة على المهرجان. وقد قام بعمل عظيم أثنى عليه الجميع، وهو دعوة فرقة من فرق الفنون الشعبية من غزة.. قامت بتقديم عرض فني رائع؛ يجسد معاناة أهلنا في فلسطين المحتلة. لقد كنت فخوراً وأنا أرى واحداً من عمالقة السينما، وهو يتحدث بلباقة وجاذبية؛ منتقياً كلمات جميلة، وكان كل الحضور منصتين لعذوبة صوته وما حباه الله من كاريزما غير عادية.  

حسين فهمي فنان فوق العادة، كان من الممكن أن يفشل.. لو أنه انصاع للمخرجين وصُناع السينما الذين لم يروا فيه سوى صورة الفتى الجذاب، الذي تعشقه الفتيات! لكنه أدهشنا بأداء أدوار صعبة بعيدة كل البعد عن استغلال وسامته، ولن أنسى دوره في فيلم «العار»، عندما أدى واحداً من أجمل أدواره كضابط شرطة يعيش في صراع داخلي.. بين واجبات وظيفته ،وصدمته في أن والده المتوفى.. كان تاجر مخدرات، يبيع السموم.. بدلاً من العطارة، وكذلك دور الشرير «عزت» – صاحب النفوذ والعاشق لزوجته «نوال»، التي لعبت دورها الفنانة العظيمة الراحلة سعاد حسني – في فيلم «موعد على العشاء».  

لقد صدمني حسين فهمي بتحديه وقبوله لهذا الدور.. أمام سعاد حسني، التي صنع معها واحداً من أنجح أفلام السينما؛ «خلي بالك من زوزو»، وكذلك فيلم «أميرة حبي أنا».  

وعلى عكس ما يعتقده البعض؛ من أن وسامة حسين فهمي.. ساعدته في الوصول إلى النجومية، أعتقد أن هذه الوسامة ظلمته كفنان.. قادر على أداء كل الأدوار والشخصيات المركبة، ولولا ذكاء حسين فهمي، وتمرده على حبسه في أدوار الشاب الوسيم.. لما كان قد وصل إلى تلك المرتبة الفنية. حسين فهمي نجم مثقف موهوب، ولا يزال قادراً على إبهارنا بفنه وثقافته. 

نقلاً عن «المصري اليوم» 

شارك هذه المقالة
اترك تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.