قال الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، إن لجنة دراسة التأثيرات الاجتماعية للدراما المصرية والإعلام، تسعى لوضع أسس علمية ومهنية تضمن إنتاج محتوى درامي يرتقي بالذوق العام، ويحترم القيم الثقافية للمجتمع، ويعكس تنوعه وتعدد روافده.
جاء ذلك خلال ترؤسه الاجتماع الثاني للجنة دراسة التأثيرات الاجتماعية للدراما المصرية والإعلام، المشكلة بقرار من الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، وذلك تنفيذا لتوجيهات القيادة السياسية لأهمية تطوير صناعة الدراما بما يخدم أهداف التنمية المستدامة، ويحافظ على الهوية الوطنية، ويعزز من دور القوى الناعمة المصرية في ظل المتغيرات المجتمعية والتكنولوجية المتسارعة.
ناقش الاجتماع محورين رئيسيين هما: “التأثيرات النفسية والاجتماعية للأعمال الدرامية، ومستقبل الدراما المصرية في ظل التقدم الرقمي والعولمة”. وقد شهدت الجلسة حوارًا معمقًا بين صناع القرار والخبراء والفنانين حول مستقبل الصناعة، والتحديات التي تواجهها، والحلول المقترحة للنهوض بها.
وفي مستهل الاجتماع، أكد الدكتور أحمد فؤاد هنو أن طرح ودراسة المشكلات بصدق وشفافية هو الخطوة الأولى نحو وضع حلول فعالة لمستقبل الدراما المصرية، مشددًا على أن صناعة الدراما لا تنفصل عن السياق الاجتماعي والثقافي الذي تُنتج فيه، ولا بد من فهم هذا السياق وتطوراته حتى تتمكن من الاستجابة له بوعي ومسؤولية.
ومن جانبه، أكد المهندس خالد عبد العزيز على أهمية إزالة المعوقات البيروقراطية والإنتاجية التي تقف حائلًا أمام تنفيذ أعمال درامية هادفة، وتوفير بيئة مشجعة للإنتاج الفني الخلاق. وأضاف: “يجب أن نركز على دعم المواهب الجديدة، وتوجيه الإمكانيات نحو تعزيز الإنتاج الجيد، وليس فقط الكم، لضمان تنافسية الدراما المصرية إقليميًا ودوليًا.”
وشدد الكاتب والسيناريست عبد الرحيم كمال على أهمية فتح المجال أمام الكُتاب الحقيقيين، ممن يمتلكون الموهبة والدراسة معًا، لأن الكتابة الدرامية ليست مجرد سرد، بل هي علم وفن يتطلب وعيًا ثقافيًا عميقًا. وأوضح أن الصناعة في حاجة إلى دعم أصوات جديدة قادرة على تقديم رؤى متجددة، بعيدًا عن القوالب النمطية والتكرار. كما دعا إلى تأسيس ورش دائمة لصقل مهارات الكتاب الشباب، وربطهم بمؤسسات إنتاجية تُؤمن بالإبداع.
وفي مداخلتها، أكدت الكاتبة مريم نعوم أن الأفكار القابلة للتحول إلى أعمال درامية كثيرة ومتنوعة، ولكن ما يميز فكرة عن أخرى هو مدى صدقها وأضافت: “علينا أن نُمهل أنفسنا وقتًا كافيًا لبلورة المشروعات الفنية، لأن الاستعجال في التنفيذ يؤدي أحيانًا إلى نتائج عكسية لا تخدم الهدف المرجو من العمل. كما يجب أن نتخلى عن فكرة الاكتفاء بالرؤية الفردية، ونتبنى ثقافة العمل الجماعي، مع الاستعانة بمستشارين متخصصين في القضايا الاجتماعية أو النفسية أو القانونية التي تتناولها الأعمال الدرامية، لضمان تقديم صورة دقيقة ومسؤولة.”
وتحدث الناقد الفني طارق الشناوي عن البُعد التاريخي لمناقشة التأثيرات الاجتماعية للدراما، قائلاً إن هذا النقاش ليس جديدًا، بل بدأ منذ عقود، غير أنه يحتاج الآن إلى إعادة تنظيم وتفعيل أدواته في ضوء المتغيرات الحديثة. وأضاف: “الدراما دائمًا ما كانت مرآة للمجتمع، وهي تملك قوة ناعمة قادرة على إحداث التغيير، ولذلك علينا أن نتحرر من الرقابة الذاتية والخوف من تناول القضايا الجادة، مشيراً الى احتياجنا إلى دراما تطرح الأسئلة الحقيقية، وتُحرّض على التفكير
أما الدكتورة سوزان القليني، فقد شددت على أن الدراما تُسهم بعمق في تشكيل الصورة الذهنية عن الأفراد والمؤسسات والمجتمعات، وبالتالي لا بد من وجود ضوابط وقواعد تقييم معلنة ومفعّلة، مع آليات واضحة لمتابعة تنفيذها بشكل دوري. وأشارت إلى أهمية التنسيق بين الهيئات الإعلامية والثقافية والأكاديمية لضمان الاتساق في الرؤية.
فيما أوضحت الدكتورة جيهان يسري أن أي عمل موجه للجمهور يحمل تأثيرًا مباشرًا، ولكن طبيعة هذا التأثير تختلف من فرد لآخر بناءً على خلفيته وثقافته وتجربته الشخصية. وأضافت: “من المهم أن نأخذ بعين الاعتبار هذا التفاوت في الاستجابة أثناء تقييم التأثيرات، وأن نعمل على بناء منظومة تقوم على التفكير النقدي، والتربية على الذوق، وليس فقط على تقديم منتج ترفيهي.”
وأكدت سارة عزيز على ضرورة تحديد الجمهور المستهدف بدقة أثناء إنتاج المحتوى، خصوصًا في ظل تغير المفاهيم والاهتمامات لدى الأجيال الجديدة. وقالت: “المنصات الرقمية تتيح لنا الوصول إلى جمهور واسع، ولكنها تتطلب فهمًا جديدًا لسلوكيات المشاهدة، مما يستوجب إجراء مسوح دورية لقياس احتياجات وميول المشاهدين، بما يسمح بصناعة محتوى جذاب وذو أثر.”
شارك في الاجتماع نخبة من الشخصيات العامة؛ مع ممثلي المؤسسات الإعلامية والثقافية، من بينهم: المهندس خالد عبد العزيز، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، عبد الفتاح الجبالي، رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامي، عماد ربيع، رئيس قطاع الإنتاج الدرامي بالشركة المتحدة، الدكتور أحمد زايد، رئيس لجنة قطاع الآداب بالمجلس الأعلى للجامعات -مدير مكتبة الإسكندرية-، المخرج خالد جلال، رئيس قطاع المسرح بوزارة الثقافة، السيناريست عبد الرحيم كمال، مساعد الوزير لشئون رئاسة الرقابة على المصنفات، الكاتبة مريم نعوم، الفنان حسين فهمي، الفنان أشرف عبد الباقي، الناقد الفني طارق الشناوي,الدكتورة هالة رمضان، مدير المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، سارة عزيز حكيم، خبيرة اجتماعية ونفسية ومدير مؤسسة Safe، الدكتورة جيهان يسري أبو العلا، عضو اللجنة التخطيطية لقطاع الدراسات الإعلامية بالمجلس الأعلى للجامعات وعميدة كلية الإعلام السابقة، الدكتورة سوزان القلينى، أستاذ الإعلام بجامعة عين شمس.