شاركت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، اليوم الأحد، في فعاليات منتدى قادة السياسات المصري الأمريكي، الذي يُعقد تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، وبحضور الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، ومجموعة من الوزراء وكبار المسؤولين المصريين والأمريكيين، إلى جانب ممثلين عن مجتمع الأعمال في البلدين.
وشهد المنتدى، الذي تنظمه غرفة التجارة الأمريكية في مصر بالتعاون مع مجلس الأعمال المصري الأمريكي على مدار يومين، حضورًا لافتًا، ضم الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل، والمهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، والسيد أحمد كجوك، وزير المالية، والمهندس كريم بدوي، وزير البترول والثروة المعدنية. كما شارك 61 من كبار التنفيذيين يمثلون 42 شركة أمريكية، بحضور سوزان كلارك، رئيس غرفة التجارة الأمريكية في واشنطن، والسيدة هيرو مصطفى، السفيرة الأمريكية بالقاهرة، والمهندس عمر مهنا، رئيس غرفة التجارة الأمريكية بالقاهرة.
وخلال كلمتها بالمنتدى، استعرضت الدكتورة المشاط رؤية الدولة المصرية لتهيئة بيئة جاذبة للاستثمار، مؤكدة أن الحكومة تضع ملف تحفيز القطاع الخاص في صدارة أولوياتها الوطنية، وتسعى عبر سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية المتكاملة إلى تأسيس اقتصاد قوي قادر على التصدير وخلق فرص عمل مستدامة.
خريطة استثمارية واعدة وتكامل في السياسات
وكشفت المشاط عن إصدار كتيب “فرص الاستثمار”، الذي تم بالتعاون مع غرفة التجارة الأمريكية، ليشكل خريطة شاملة توضح أهم الفرص الاستثمارية في مختلف القطاعات، وتبرز ما تم اتخاذه من إصلاحات في السياسات المالية والنقدية والصناعية لتيسير دخول استثمارات جديدة.
وأكدت الوزيرة أن الحكومة المصرية تعتمد على إطار اقتصادي يقوم على ثلاثة محاور رئيسية: تحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي، من خلال ضبط السياسات المالية والنقدية؛ وتعزيز تنافسية الاقتصاد، عبر تحديث البنية التحتية والتشريعات وتحفيز التحول الرقمي؛ وتمكين القطاع الخاص باعتباره المحرك الرئيسي للنمو المستدام.
قطاعات واعدة واقتصاد متنوع
وسلطت المشاط الضوء على الخصائص الفريدة للاقتصاد المصري، ومنها تنوعه واعتماده على عدة قطاعات ديناميكية، مثل الصناعة التحويلية غير البترولية، التي سجلت نموًا مستدامًا بنسبة تقارب 18%، والسياحة، التي تشهد انتعاشة غير مسبوقة مع اقتراب افتتاح المتحف المصري الكبير، وقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الذي يحقق نموًا يتجاوز 10%، بالإضافة إلى قطاع النقل واللوجستيات الذي يعكس تطورًا كبيرًا في البنية التحتية والموانئ.
وأشارت إلى أن مصر تمتلك قاعدة بشرية شابة وماهرة، تمثل موردًا تنافسيًا مهمًا، وتعمل الدولة على تنميته عبر برامج تدريب وبناء مهارات.
تحولات اقتصادية وتوسع في دور القطاع الخاص
وتحدثت وزيرة التخطيط عن التحولات التي شهدها الاقتصاد المصري منذ مارس الماضي، حيث تم تبني سياسات جريئة أدت إلى استقرار سعر الصرف، وتلاشي السوق السوداء للعملة، إلى جانب تطبيق سياسة مالية انضباطية، وتحسين الحوكمة في إدارة الاستثمارات العامة والشركات المملوكة للدولة.
وأوضحت أن تلك الإصلاحات أثمرت عن تعافي الاستثمارات الخاصة، التي تجاوزت لأول مرة منذ سنوات مساهمة الاستثمارات العامة في الناتج المحلي الإجمالي، كما ارتفعت تحويلات المصريين من الخارج، وحققت السياحة أعلى معدلات زيارات وإيرادات خلال السنوات الأخيرة، في وقت واصلت فيه الصادرات نموها رغم التحديات الإقليمية وانخفاض إيرادات قناة السويس.
مصر نحو نموذج اقتصادي إنتاجي وتصديري
وأكدت المشاط أن مصر تسير نحو نموذج اقتصادي يقوم على الإنتاج والصناعة والتصدير، باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق نمو مرتفع ومستدام، وهو ما يتجلى في المشاريع الطموحة للطاقة المتجددة، خاصة في مجالات الطاقة الشمسية، والرياح، والهيدروجين الأخضر، وكذلك خطط تحويل مصر إلى محور إقليمي للأمن الغذائي من خلال دعم سلاسل القيمة المضافة في الزراعة والصناعات الغذائية.
وأضافت أن الحكومة تسعى إلى تطوير منظومة التجارة واللوجستيات، عبر تحديث الموانئ وربطها بمحاور التنمية والمناطق الصناعية، وتوسيع التحول الرقمي، مما ساهم في تحسن ترتيب مصر في مؤشر الأداء اللوجستي للبنك الدولي إلى المرتبة 54 عام 2023.
الإصلاحات الهيكلية والتمويل من أجل التنمية
وتطرقت المشاط إلى الإصلاحات الهيكلية الجارية، التي تستند إلى ثلاث ركائز أساسية: تعزيز مرونة الاقتصاد الكلي، وتحفيز التنافسية، ودعم التحول الأخضر. وشددت على أن التحول نحو اقتصاد منخفض الكربون لا يمثل فقط تحديًا بيئيًا، بل فرصة للاستثمار والتشغيل والتصدير.
كما أكدت أهمية التمويل التنموي، موضحة أن مصر أصبحت منصة إقليمية للتعاون مع المؤسسات الدولية، التي قدمت للقطاع الخاص وحده تمويلات ميسرة تتجاوز 15 مليار دولار خلال خمس سنوات.
منصة “نوفي” نموذج لجذب التمويل المناخي
وعرضت الوزيرة تجربة مصر في ربط التمويل المناخي بالتنمية من خلال “منصة نوفي”، التي ساهمت في جذب استثمارات تقدر بنحو 4 مليارات دولار في مشاريع الطاقة المتجددة، بقدرة تصل إلى 4 جيجاوات، وهو ما يمثل فرصة واعدة أمام الشركات الأمريكية الراغبة في الاستثمار في مصر.
واختتمت الوزيرة كلمتها بالإعلان عن قرب إطلاق “السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية” خلال يونيو المقبل، والتي ستركز على محاور رئيسية تشمل الاستقرار الاقتصادي الكلي، تدفقات الاستثمار الأجنبي، أداء الصناعة، جاهزية القوى العاملة، وتهدف إلى تحقيق نمو حقيقي وتعزيز قدرة الاقتصاد المصري على الصمود أمام الأزمات.