سلك آلاف الفلسطينيين النازحين بسبب الحرب في قطاع غزة طريق العودة إلى منازلهم الأحد في اليوم الأول من دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس حيز التنفيذ، فيما يتوقّع أن يبدأ الإفراج خلال الساعات المقبلة عن إسرائيليات محتجزات في القطاع ومعتقلين فلسطينيين في سجون إسرائيل.
وعشية دخول الرئيس الأميركي دونالد ترامب البيت الأبيض لبدء ولاية رئاسية جديدة، توقّف إطلاق النار الساعة 9,15 بتوقيت غرينتش بتأخير حوالى ثلاث ساعات بسبب تأخّر حماس في تسليم قائمة بأسماء ثلاث رهينات يفترض الإفراج عنهن خلال النهار، ورفض إسرائيل الالتزام بوقف النار قبل الحصول عليها.
وأكد منتدى عائلات الرهائن والمفقودين في إسرائيل أسماء الرهينات الثلاث المتوقع الإفراج عنهن الأحد، في إطار المرحلة الأولى من تنفيذ الاتفاق. وهن ثلاث إسرائيليات، إميلي داماري التي تحمل أيضا الجنسية البريطانية، ورومي غونين، ودورون شتاينبرخر التي تحمل أيضا الجنسية الرومانية.
وأوضح أنه تمّ اقتياد داماري وشتاينبرخر خلال هجوم حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 على إسرائيل من كيبوتز كفار عزة، فيما خطفت غونين من مهرجان “سوبر نوفا”.
ويحيي بدء تطبيق الاتفاق الآمال بوقف دائم للحرب في قطاع غزة، ولو أن إسرائيل أعلنت أنها تحتفظ بحق استئناف القتال.
وبدأ آلاف النازحين العودة إلى منازلهم. واكتظت الطرق في مدن القطاع المدمّر بأعداد كبيرة من العائدين لا سيما في الشمال سيرا على الأقدام أو في عربات تجرها دواب، حاملين أمتعتهم وخيمهم، وفق ما أفاد مراسلون لفرانس برس. وكان بعضهم يرفع شارة النصر، بينما حمل آخرون العلم الفلسطيني.
في منطقة المواصي في خان يونس (جنوب)، قال محمد الربايعة النازح من رفح “الحرب دمرت مستقبلنا وحياتنا، البيوت أصبحت كومة ركام”، مضيفا “سنأخذ الخيمة معنا للعودة لموقع بيتنا في رفح وسنعيش فيها حتى إعادة بنائه”.
وعبّر محمد عبد المجيد النازح في دير البلح (وسط) عن “شعور مختلط”، وقال إنه يشعر “بفرح لأن الحرب انتهت جزئيا وتوقف شلال الدم، وبحزن على الأعداد الكبيرة من الضحايا والمآسي المتكررة التي تحتاج الى سنوات حتى نتعافى منها”.
كما شوهد مسلحون ملثمون من حركة حماس في دير البلح.
- مساعدات
دخلت أولى شاحنات المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بعد بدء تنفيذ وقف إطلاق النار، على ما أعلن مسؤول في الأمم المتحدة عبر منصة “إكس”.
وكتب جوناثان ويتال، كبير مسؤولي الأراضي الفلسطينية المحتلة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، “بدأت أولى شاحنات الإمداد تدخل بعد 15 دقيقة” على بدء الهدنة.
وأعلن وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي السبت أنه “تمّ الاتفاق على نفاذ 600 شاحنة يوميا” إلى داخل غزة، بينها “50 شاحنة وقود”.
وذكر مسؤول مصري الأحد أن 260 شاحنة دخلت الأحد قطاع غزة، بينها 16 شاحنة وقود”.
وبين الموعد الأساسي لبدء تنفيذ الاتفاق الساعة الثامنة والنصف صباحا، وبدء العمل به، نفّذت إسرائيل ضربات على شمال قطاع غزة أوقعت ثمانية قتلى، بحسب الدفاع المدني في غزة.
وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحماس الأحد ارتفاع حصيلة القتلى في قطاع غزة نتيجة العمليات العسكرية الإسرائيلية الى 46913 منذ بدء الحرب قبل أكثر من خمسة عشر شهرا.
واندلعت الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 إثر هجوم غير مسبوق لحماس داخل إسرائيل، وحوّلت القطاع كتلا هائلة من الركام جرّاء حجم التدمير الذي قالت الأمم المتحدة إنه “لم يسبق له مثيل بالتاريخ الحديث”. كما نزح أكثر من مرّة معظم سكان القطاع البالغ عددهم 2,4 مليون.
وتسبّب هجوم حماس بمقتل 1210 أشخاص، معظمهم مدنيون، حسب تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات إسرائيلية رسمية. وخُطف خلاله 251 شخصا ما زال 94 منهم محتجزين في قطاع غزة، فيما أعلن الجيش مقتل أو وفاة 34 منهم.
وبرّرت حماس التأخير في تسليم القائمة بالرهينات الثلاث ب”أسباب فنية ميدانية” واستمرار القصف.
وينص الاتفاق الذي تمّ بوساطة قطرية مصرية أميركية، على الإفراج في المرحلة الأولى منه الممتدة على ستة أسابيع، عن 33 رهينة محتجزين في قطاع غزة.
وقال مسؤول عسكري إسرائيلي إن نقاطا أقيمت عند معابر كرم أبو سالم وإيريز ورعيم حيث سيُعاين أطباء واختصاصيون نفسيون المفرج عنهن الأحد قبل “نقلهن بمروحية أو بسيارة” إلى مستشفيات في إسرائيل.
وأعلنت السلطات الإسرائيلية أنها ستفرج في المقابل عن قرابة 1900 فلسطيني، بينهم تسعون معتقلا سيخرجون اليوم.
وقالت حركة حماس في بيان “من المنتظر أن يسلّم الاحتلال (…) قائمة تحتوي 90 اسما لأسرى من فئة النساء والأطفال المتوقع الإفراج عنهم في اليوم الأول لاتفاق وقف إطلاق النار”، مشيرة إلى أنّ الاتفاق “ينص على الإفراج عن 30 أسيرا فلسطينيا مقابل (كل) أسيرة مدنية من الاحتلال”.
في تل أبيب، قالت مايا رومان، وهي قريبة رهينة أُفرج عنه في السابق، وآخر مات خلال احتجازه، إنها تشعر “بفرح عارم وفي الوقت ذاته بشيء من الأسى”.
- تحذير من نتانياهو
وكان نتانياهو أعلن السبت أن إسرائيل تحتفظ بحق استئناف القتال في غزة بدعم أميركي.
وشدّد على أن المرحلة الأولى من الاتفاق ومدتها 42 يوما هي “وقف إطلاق نار موقت”. وأضاف “إذا أجبرنا على استئناف الحرب فسنفعل ذلك بقوة”، لافتا إلى أن إسرائيل “غيّرت وجه الشرق الأوسط” منذ بدء الحرب.
وحذّر وزير الخارجية الاسرائيلي جدعون ساعر من استمرار عدم الاستقرار الإقليمي إذا بقيت حماس ممسكة بالسلطة في غزة.
وأعلن حزب وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير الأحد استقالته من الائتلاف الحكومي احتجاجا على اتفاق وقف إطلاق النار الذي وصفه بأنه “مشين” وبمثابة “استسلام لحماس”.
وبحسب الرئيس الأميركي جو بايدن، تشمل المرحلة الأولى أيضا انسحابا إسرائيليا من المناطق المكتظة بالسكان في غزة.
ويفترض أن تتيح المرحلة الثانية الإفراج عن بقية الرهائن، على ما أوضح بايدن. أما المرحلة الثالثة والأخيرة، فستُكرس لإعادة بناء غزة وإعادة رفات الرهائن الذين قضوا خلال احتجازهم.