في ظل التحولات السياسية والعسكرية التي تشهدها سوريا بعد الإطاحة بالنظام السابق، تصاعدت التحذيرات الدولية من خطوة مثيرة للجدل اتخذتها الإدارة الجديدة بتعيين مقاتلين أجانب في مناصب عسكرية عليا.
التحذيرات التي جاءت من مبعوثين أميركيين وأوروبيين تثير تساؤلات حول تداعيات هذه الخطوة على الأمن الإقليمي والدولي، وتضع القيادة السورية الجديدة أمام اختبار صعب في طريقها نحو بناء علاقات دولية مستقرة.
أفادت وكالة “رويترز” نقلًا عن مصدرين مطلعين بأن مبعوثين من الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا حذروا القيادة السورية الجديدة من تعيين مقاتلين أجانب في مناصب عسكرية عليا، مؤكدين أن هذه الخطوة تمثل مصدر قلق أمني يضر بجهود الإدارة الجديدة في تحسين صورتها على الساحة الدولية.
تحذيرات أميركية وأوروبية
أوضح مسؤول أميركي أن التحذيرات جاءت خلال اجتماع جمع المبعوث الأميركي دانييل روبنشتاين مع رئيس الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع في القصر الرئاسي بدمشق. أشار المسؤول إلى أن هذه التعيينات قد تؤثر سلبًا على سمعة القيادة السورية في الولايات المتحدة ودول أخرى.
بدورها، طرحت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك ونظيرها الفرنسي جان نويل بارو القضية نفسها خلال اجتماعهما مع الشرع في الثالث من يناير، مشددين على أن هذه الخطوة تثير مخاوف أمنية وتحديات سياسية كبيرة.
مقاتلون أجانب في الجيش السوري
منذ الإطاحة بالنظام السابق في ديسمبر الماضي على يد هيئة تحرير الشام، أجرت القيادة الجديدة تغييرات جذرية في بنية الجيش السوري، بما في ذلك تعيين ستة مقاتلين أجانب من جنسيات مختلفة، من بينهم صينيون، ويغور، وأتراك، ومصريون، وأردنيون.
وبحسب مصادر عسكرية سورية، حصل ثلاثة منهم على رتبة عميد، بينما مُنح الآخرون رتبة عقيد. تُبرر القيادة السورية هذه التعيينات بأن المقاتلين الأجانب قدموا تضحيات كبيرة للإطاحة بالنظام السابق وأنهم أصبحوا جزءًا من المجتمع بعد سنوات طويلة من القتال داخل البلاد.
مخاوف أمنية دولية
تعتبر العواصم الغربية المقاتلين الأجانب تهديدًا أمنيًا خطيرًا، إذ يُخشى أن يستغلوا خبراتهم المكتسبة لتنفيذ هجمات في بلدانهم الأصلية. وأعرب دبلوماسيون غربيون عن قلقهم من أن هذه التعيينات قد ترسل رسائل مشجعة للجماعات الجهادية العابرة للحدود.
من بين الشخصيات المثيرة للجدل التي تم تعيينها في الجيش السوري، المواطن الأردني عبد الرحمن حسين الخطيب، والمتشدد الصيني عبد العزيز داود خدابردي، المعروف باسم “زاهد”، والمصري علاء محمد عبد الباقي، الذي كان قد فر من مصر في 2013 وحُكم عليه غيابيًا بالسجن المؤبد بتهم تتعلق بالإرهاب.
جهود دولية للتأثير على القيادة السورية
تسعى الولايات المتحدة والدول الأوروبية، بالتعاون مع دول عربية مثل مصر والأردن، إلى دفع القيادة السورية الجديدة نحو تبني نهج سياسي أكثر شمولًا، مع التركيز على مكافحة الإرهاب وتقليل النفوذ الإيراني في المنطقة.
وقال مسؤول أميركي إن المناقشات مع القيادة السورية الجديدة تضمنت التوضيح بأن إبقاء المقاتلين الأجانب في سوريا هو الخيار الأقل ضررًا مقارنة بإعادتهم إلى أوطانهم حيث قد يواجهون الاضطهاد أو يصبحون مصدر قلق أمني أكبر.