Times of Egypt

متى يموت عبدالناصر؟!

Mohamed Bosila
عبدالله عبدالسلام 

عبدالله عبدالسلام 

قبل أيام، مرت 100 يوم على رئاسة ترامب. حاسبه الأمريكيون والإعلام على سجله خلال تلك الفترة. ترامب حاول إلقاء اللوم – في كثير من المشاكل التي واجهها – على الرئيس السابق بايدن، لكن النقاش – في مجمله – تركز على ما فعله هو. في السنة الأولى للرئيس الأمريكي، يتفهم الأمريكيون انتقاده لسلفه، لكنهم بعد ذلك، يسألونه: أنت صاحب السلطة والقرار، فلماذا تبحث عن عذر للفشل؟ 

في مصر والعالم العربي، الأمر مختلف تماماً.

في 28 سبتمبر المقبل، سيكون قد مر على وفاة الرئيس عبدالناصر 55 عاماً. تولى بعده رؤساء عديدون، وتغيرت السياسات والتوجهات رأساً على عقب. ومع ذلك يظل – في نظر منتقديه ورافضي خطه السياسي – مسؤولاً عما جرى ويجري حتى الآن.. ليس في مصر فقط، بل كل العالم العربي. 

التسجيل الأخير له – الذي يعود إلى عام 1970 – وتحدث فيه عن موقف مصر من الحرب مع إسرائيل والحلول السلمية، خير دليل. هناك من هاجمه، وكأنه ما زال يحكم.. وسط اتهامات له، بأنه جرَّ مصر والعرب إلى الحروب، ثم عاد ليتحدث عن السلام والاعتراف بإسرائيل. بل إن هناك من حمَّله مسؤولية فشل الأنظمة العربية.. داخلياً وخارجياً. المفارقة أن هذا ليس موقف بعض العرب فقط. هناك باحثون غربيون يسيرون على نفس المنوال.

نهاية 2023، أصدر أليكس رويل – الكاتب البريطاني المتخصص في الشرق الأوسط – كتاباً بعنوان: «كُلنا جنودك: كيف أعاد جمال عبدالناصر تشكيل العالم العربي». لم يترك رويل نقيصة إلا وألصقها به. يقول: «إرثه يكمن في بؤرة النظام العنيف والقمعي.. الذي لا يزال سائداً في كل العالم العربي». يتناول الكتاب سجل عبدالناصر في 7 دول: مصر وليبيا والعراق والأردن ولبنان واليمن وسوريا. ويقول: «ما فعله في هذه الدول، ترك ندوباً لا تزال باقية حتى الآن. سنوات ناصر ساهمت في تشكيل أنظمة حكم قمعية عديدة، سحقت الديمقراطية والمعارضة». ويضيف: «دشن ناصر شتاء سياسياً طويلاً، لم تخرج منه المنطقة حتى الآن».

تخلى المؤلف عن موضوعيته.. لدرجة أن بن هوبارد – الكاتب في «نيويورك تايمز» – قال: «لأسباب لم تتضح لي.. حتى بعد قراءتين، يفتتح المؤلف كتابه بجريمة اغتيال الناشط اللبناني الشيعي لقمان سليم عام 2021، والتى لم يُعرف مرتكبها بعد، لكن حزب الله متهم بها. إلا أن المؤلف ربطها بعبدالناصر. ويضيف أن حجم العالم العربي وتعقيده، يجعلان من الصعب تحديد سبب واحد لمشاكله. وبتركيزه المباشر على ناصر – الذي لا تزال بعض الأوساط تعتبره رمزاً للكرامة العربية والتحرر من الإملاءات الأجنبية – بأنه سبب كل «البلاوي»، يقع المؤلف في هذا الفخ.

بعض النخب المصرية والعربية تتبنى نفس التوجه. تعتبر عبدالناصر دائم الحضور معنا، ولكن بشكل سلبي. لا نستطيع الفكاك من إرثه، بل إنه يبدو كما لو كان حياً يتدخل في القضايا المثارة حالياً، ويقرر ما ينبغي عمله بشأنها. إنه بتعبير المؤلف «الرئيس الأعظم من الحياة». 

نحن بحاجة لإدراك أن عبدالناصر غادرنا، وأننا يمكننا التصرف في شؤون حياتنا.. دون توجيه منه. وفي المقابل علينا تحمُّل مسؤولية النتائج وعدم الاحتماء فيه.

نقلاً عن «المصري اليوم«

شارك هذه المقالة
اترك تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *