بعدما أثارت ضجة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، عقب نشرها مقاطع فيديو تناولت فيها «أسراراً خاصة» بمرضاها، وكشفت وجود حالات حمل إثر علاقات سفاح، دخلت قضية طبيبة كفر الدوار في البحيرة، شمال مصر، منحنى جديدا.
وكانت طبيبة النساء والتوليد في مستشفى كفر الدوار بمحافظة البحيرة وسام شعيب، نشرت مقطع فيديو على حسابها على فيسبوك، يتناول سيرة «فتيات ونساء تورطن في حمل من علاقات غير شرعية».
واتهمت الطبيبة مريضاتها بالزنا والحمل السفاح واستئجار شاب ودفع مال له لينسب له ابنا ليس ابنه، دون دليل دامغ على ذلك، داعية الذكور لإجراء فحص Dna للتحقق من نسب أبنائهم.
السلطات تتدخل
ألقت أجهزة الأمن القبض على الطبيبة، وأحالتها للعرض على النيابة العامة للتحقيق.
وباشرت النيابة الإدارية بكفر الدوار تحقيقاتها، فيما أبلغت به وحدة شؤون المرأة وحقوق الإنسان وذوي الإعاقة من قيام طبيبة نساء وتوليد، بنشر مقاطع الفيديو، والتي «تشكل انتهاكًا لحقوق المريضات ومخالفة لما تقرره آداب مهنة الطب ورسالتها السامية.
وأمرت النيابة الإدارية، بتشكيل لجنة من مديرية الشؤون الصحية بالبحيرة برئاسة طبيب من الطب العلاجي، وعضو من إدارة الحوكمة والمراجعة الداخلية، وعضو من الإدارة القانونية، وطبيب من إدارة العلاج الحر بالمديرية، وتكليف اللجنة بسرعة الانتقال للمستشفى محل عمل الطبيبة المذكورة وفحص كافة السجلات والمستندات الخاصة بحالات النساء والتوليد التي ناظرتها بالمستشفى، وحالات المواليد والأطفال حديثي الولادة المحجوزة بحضِّانات المستشفى.
كما كلفت النيابة الإدارية اللجنة بمناظرة العيادة الخاصة بالطبيبة بمعرفة إدارة العلاج الحر، وإعداد تقرير شامل بما تسفر عنه أعمال اللجنة؛ تمهيدًا لمثول المتهمة أمام النيابة الإدارية لمواجهتها بما جاء ذكره على لسانها بمقطع الفيديو المصور، في ضوء ما تكشف عنه التحقيقات وما ينتهي إليه تقرير اللجنة المشكلة بأمر النيابة.
وفي السياق نفسه، بدأت نيابة مركز كفر الدوار بمحافظة البحيرة، الثلاثاء، التحقيق مع الطبيبة وسام شعيب في الاتهامات الموجهة إليها على خلفية نشرها مقطع فيديو مثير للجدل.
محامي الطبيبة يتدخل
وقال هيثم عبد العزيز، محامي الطبيبة، إن النيابة وجهت لموكلته اتهامات منها: تكدير الأمن والسلم العام، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لإثارة البلبلة بين أطياف الشعب المصري، واستخدام ألفاظ سيئة.
وأوضح عبد العزيز في منشور على صفحته الرسمية على موقع “فيسبوك”، أن التحقيقات تجرى مع موكلته بطريقة محترمة تليق بالطبيبة، وفي انتظار قرار النيابة.
نقابة الأطباء تعلق
أعلنت النقابة العامة للأطباء، تلقيها شكاوى ضد طبيبة أمراض نساء وتوليد، تتهمها بنشر فيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قامت خلالها بالتشهير بالمرضى، والحديث بألفاظ لا تليق، تمثل اعتداءً على المبادئ والقيم الأسرية في المجتمع المصري.
وأكدت النقابة أنها تواجه أي مخالفات لأعضائها في حال ثبوتها بكل حسم، وأن أي طبيب يخرج عن قواعد ولائحة آداب المهنة والأصول الطبية المستقر عليها والمعمول بها، يتم إحالته للتحقيق وللهيئة التأديبية؛ لتحديد العقوبة المستحقة عليه، والتي قد تصل إلى الشطب من جدول نقابة الأطباء ما يترتب عليه منعه من ممارسة مهنة الطب.
ماذا قالت الطبيبة؟
نشرت الطبيبة عبر حسابها على فيسبوك، أمس الاثنين، مقطع فيديو نفت فيه الاتهامات الموجهة ضدها، مؤكدة أن ما روته في فيديوهاتها كان لتحذير الناس والتوعية.
وشددت على أنها لم تقصد جذب المشاهدات أو تصدر “التريند”، مضيفة أنها لم تكشف اسم أي من مريضاتها أو عناوينهن أو أرقام هواتفهن، كما لم تكشف عن مواصفات أي منهن.
هل خالفت الطبيبة لائحة آداب مهنتها؟
تنظم لائحة آداب المهنة للأطباء، والصادرة بقرار وزير الصحة والسكان رقم 238 لسنة 2003 بتاريخ 5 سبتمبر 2003، القواعد المهنية للأطباء في 61 مادة، تبدأ بقسم الأطباء، والذي يجب أن يؤديه كل طبيب قبل مزاولته المهنة.
وخالفت الطبيبة عددا من نصوص لائحة آداب المهنة، بدءا من قسم الأطباء الواقع في الباب الأول المادة رقم 1، مرورا بالمادة 3 في باب واجبات الطبيب نحو المجتمع، والمادة 6 في باب واجبات الطبيب نحو المهنة، والمواد 20، و 24، و ،30، و 35 في باب واجبات الطبيب نحو المرضى.
كما خالفت الطبيبة المادة 1 من اللائحة الخاصة بقسم الأطباء، بإفشاء أسرار المريضة وأسرتها، إذ نص القسم على: “أن أحفظ للناس كرامتهم وأستر عورتهم وأكتم سرهم”، وذهبت لأبعد من ذلك بالقفز لاستنتاجات تنفي زواجها وتوصمها وأسرتها وتسبهم، وهو ما كررته مع مريضتها الثانية في ذات المقطع والتي اتهمتها باستئجار رجل لنسب طفلها دون أن تكون لها صفة لوصفها ودون دليل.
كما خالفت نص المادة 30 من اللائحة، والتي تنص على أنه “لا يجوز للطبيب إفشاء أسرار مريضه التى اطلع عليها بحكم مهنته إلا إذا كان ذلك بناء على قرار قضائى أو في حالة إمكان وقـوع ضرر جسيم ومتيقن يصيب الغير أو في الحالات الأخرى التي يحددها القانون”.
وخالفت المادة 3 من اللائحة والتي تنص على ” أن يكون الطبيب أمينًا على حقوق المواطنين في الحصول على الرعاية الصحية الواجبة”، والمادة 20: “على الطبيب أن يبذل كل ما في وسعه لعلاج مرضاه وأن يعمل على تخفيف آلامهم وأن يحسن معاملتهم وأن يساوى بينهم في الرعاية دون تمييز”، والمادة 24: “في الحالات العاجلة لا يجوز للطبيب الاعتذار”، وذلك بعدما امتنعت الطبيبة عن علاج السيدة التي وصفتها بأنها “واقعة ع الأرض مفرفرة” وأن شخصا يسندها يطلب المساعدة معتقدا ومعلنا أن السيدة ماتت، وجاء وصف الطبيبة لموقفها “طبعا أنا موقفتش ولا بصيت في إيه مليش دعوة”، مبررة موقفها بأنها لم تتعاطف مع السيدة لسوء تربيتها لابنتها.
كما خالفت المادة 35 والتي تنص على: “على الطبيب المكلف بالرعاية الطبية للمقيدة حريتهم أن يوفر لهم رعاية صحية من نفس النوعية والمستوى المتاحين لغير المقيدة حريتهم. ويحظر عليه القيام بطريقة إيجابية أو سلبية بأية أفعال تشكل مشاركة في عمليات التعذيب وغيرها من ضروب المعاملة القاسية، أو اللاإنسانية أو التواطؤ أو التحريض على هذه الأفعال”.
ومن بين الحالات التي ذكرتها الطبيبة في أحد مقاطعها المصورة، حالة لمريضة مقيدة الحرية، وقد تعرضت لها بما ينال من كرامتها وروجت ادعاءً بخيانتها لزوجها وعدم معرفة نسب جنينها، دون داع أو اختصاص أو دليل، وانطلقت منها لتعميم وصم النساء والنيل منهن قائلة: “محدش عارف مرات مين في حضن مين””.
وقال مصدر في مجلس نقابة الأطباء، إن الفيديو الذي بثته طبيبة نساء كفر الدوار، على صفحتها بفيسبوك، حمل مخالفات صريحة للائحة آداب مهنة الطب، تستوجب إحالة الطبيبة للتحقيق وعقابها في حال ثبوت التهمة عليها.
وأضاف المصدر، أن إحدى تلك المخالفات تتمثل في إفشاء أسرار المرضى، موضحًا: “كأطباء نستطيع أن نعرف كثير من الأمور ونطلع علي أوضاع خاصة جدًا للمرضى، وهو ما لا يسمح لنا إنسانيًا أو أدبيًا أن ننشره على العام بدعوى تحذير المجتمع”.
وأشار المصدر، إلى أن الطبيبة ارتكبت مخالفة أخرى، باتهامها لفتيات بالزنا دون امتلاكها دليلًا قاطعًا على ذلك، واتهامها لأمهات الحالات التي عرضت عليها- كما ادعت- بإساءة تربية فتياتهن، ووصفهن كذلك بألفاظ نابية في مخالفة للـ”السلوك القويم” الذي تنص عليه آداب المهنة.
وأكد المصدر النقابي، أن ادعاء الطبيبة وجود العديد من الحالات بالحضانات نتيجة “حمل سفاح” في انتظار أماكن بالملاجئ، هو اتهام لم تقدم عليه دليلًا، ويخالف كل القواعد والأصول والأعراف الطبية.