عماد الدين حسين
سؤال: هل كان من الممكن أن يتم إصدار قانون الإيجار القديم.. بصورة أفضل من تلك التِي صدر بها من مجلس النواب يوم الأربعاء الماضي؟ الإجابة المؤكدة هي: نعم.
سؤال ثانٍ: هل يعني كلامي، أنني أعارض إنصاف الملاك، وأنحاز إلى المستأجرين فقط؟ الإجابة هي لا.
ولكن المسألة – ببساطة – أننا نناقش معظم القضايا بطريقة الأبيض والأسود، رغم وجود العديد من الألوان الأخرى! أو بنفس طريقة أهلي أو زمالك، رغم وجود فرق أخرى قوية مثل بيراميدز.
قد يسأل البعض: وما قيمة هذه الكتابة أساساً.. بعد أن تم إصدار القانون!؟
كتبت، وتحدثت.. في أكثر من قناة تليفزيونية مصرية وعربية – طوال الشهور الماضية – وطالبت بالأساس.. أن يكون لدينا معلومات كاملة ودقيقة عن القضية، وهو ما طالب به المستشار حنفي الجبالي.. رئيس مجلس النواب، ولكن قبل يوم فقط من إصدار القانون!
السطور التالية.. ليست كلها من أفكاري، بل معظمها مستمد من نقاش جرى مع خبير إسكانِي متميز، يعرف الملف بصورة دقيقة، وللأسف لم يكلف مجلس النواب نفسه.. بالتأكد من مخاطبة كل خبراء الإسكان، حتى يصدر القانون بلا مشاكل.
قبل أن أبدأ في عرض رؤية الخبير، كنت أتمنى أن يدرس مجلس النواب.. توصيات نقاش اجتماع مهم، جرى في حزب «الجبهة الوطنية» في السابع من مايو الماضي.. بحضور عدد كبير من أعضاء وكوادر الحزب.. الذي لا يمكن تصنيفه كمؤيد أو معارض؛ وبالتالي فإن توصياته كانت شديدة الموضوعية.
التوصيات انتهت إلى ضرورة الاكتفاء – في المرحلة الحالية – بمعالجة أثر الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا، أي زيادة القيمة الإيجارية فقط.. بنسبة تستند إلى مؤشرات ومرجعيات حقيقية، وتأجيل أي أفكار أخرى.. مثل الفترة الانتقالية، لحين انعقاد البرلمان المقبل؛ حتى تتوفر بيانات دقيقة ورقمية – ومحدثة – خصوصاً عن.. الوحدات المغلقة.
الخبير الذي تحدثت إليه، قال لي: إن الحل على مرحلتين، كان يضمن إنصاف الجميع، أي زيادة قيمة الإيجار بما ينصف الملاك. ودراسة الواقع.. دراسة موضوعية، تستند إلى أرقام دقيقة.. بما لا يضر المستأجرين. لكن القانون – بشكله الذي صدر به – لا ينصف مثلاً المستأجرين؛ خصوصاً كبار السن وأصحاب المعاشات. وهؤلاء لا يمكن القول إنهم سيقبلون العيش في المدن الجديدة بالصحراء، ناهيك عن عدم امتلاكهم المال اللازم لذلك، في حين كان يمكن إعطاء الأولوية – في التطبيق – لحالات ثلاث؛ وهي: الوحدات المغلقة، وتغيير الغرض من سكني إلى تجاري، أو التصرف في الوحدة لطرف ثالث. ثم يكون اتخاذ القرار.. بعد التعرف على مؤشرات ونتائج تطبيق المرحلة الأولى. وأضيف من عندي، أنه كان يمكن إعادة الوحدات المغلقة، أو من يثبت امتلاكه لوحدة أخرى. ولو حدث، ذلك كان سيتم حل 60% من المشكلة.. من دون طرد الجميع.
من ضمن توصيات لجنتي الإسكان والشؤون التشريعية والدستورية.. بحزب الجبهة الوطنية، كان الطلب – من الحكومة – بتوفير بيانات إحصائية محدثة ودقيقة.. حول الشقق الخاضعة لأحكام القانون الجديد، وتوزيعها وعدد الشقق المغلقة. ونوعية المستأجرين – وهل هم أصليون من الجيل الأول – كما حدده حكم المحكمة الدستورية عام 2002. أم أجيال لاحقة. وكذلك بيان بالأوضاع الاجتماعية، وأعمار المستأجرين، وذلك من خلال الاستفادة من القانون الجديد.. الخاص بتحديد الرقم القومي للعقارات في مصر.
يتعجب الخبير الإسكانِي المرموق.. من الذين يتحدثون عن البناء في الظهير الصحراوي، لاستيعاب المتضررين من القانون الجديد. هو يقول: أليس ذلك يجعل المشكلة تتفاقم، بمعنى أننا سنُخلي الشقق في الأماكن القديمة.. التي كانوا يعيشون فيها، ونبني لهم شققاً في الصحراء!؟
لماذا لم نفكر في استيعابهم في نفس الأماكن.. بعشرات الطرق، وتعظيم الثروة العقارية الموجودة بالفعل، وعدم إهدار أموال أخرى على بناء لا نحتاجه؟!
ثانياً.. هناك مشاكل حقيقية في تحديد القيمة الإيجارية الجديدة – التي تجعلها تتساوى مع «المثل» – في حين أن معظمها لا تتوافر فيها الشروط الأساسية للزيادة؟ مثل الخدمات والصيانة والجراجات.
يختم الخبير الإسكانِي كلامه، بالقول: «لماذا معظم قوانيننا ناقصة حِتّة؟!
لماذا لم نتأنَّ، بحيث نقلل الأثر – أو الضرر – الناتج عن تطبيق قانون صحيح وعادل؟
أتفق تماماً مع ما ذهب إليه هذا الخبير، وأؤكد على أن آفة التسرع، أو القوانين الناقصة.. ظهرت في العديد من القوانين.. التِي صدرت في السنوات الأخيرة.
نقلاً عن «الشروق»