Times of Egypt

عيد رابع! 

Mohamed Bosila
عبدالقادر شهيب 

عبدالقادر شهيب 

عيد الأضحى هذا – الذي احتفلنا به – هو رابع عيد يمر على أهل غزة.. وهم يتعرضون للقتل المستمر، والإبادة الجماعية، والتجويع الفاجر، وللضغوط المستمرة.. لتنفيذ خطة طردهم من أرضهم؛ لدرجة أن مراكز تسليم المساعدات.. صارت هدفا.. تستخدمها قوات الاحتلال مصائد للقتل، ولدرجة أنه لم تعد في أراضي القطاع منطقة واحدة آمنة، ولذلك صار أهالي غزة في حالة نزوح مستمرة، ولم يعد لهم مستقر في أي من أراضي القطاع إلا ليوم أو يومين على الأكثر. كما ارتفعت أعداد الشهداء والمصابين.. لتسجل أرقاماً قياسية، منذ شن هذه الحرب الوحشية ضد غزة وأهلها قبل نحو 20 شهراً مضت. 

لقد انتظر أهل غزة.. أن يحل عليهم عيد الأضحى المبارك، وقد تحققت الهدنة؛ التي يتم التفاوض حولها منذ أن خرق نتنياهو الهدنة السابقة، ولم يلتزم بتنفيذ المرحلةَ الثانية منها، وقرر استئناف الحرب بوحشية أكبر. غير أن ذلك لم يتحقق – للأسف الشديد – لأن مشروع الهدنة.. الذي تقدَّم به المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط «ويتكوف»، يستجيب لكل مطالب نتنياهو وحكومته؛ فهو يقضي بإطلاق «حماس» نصف العدد المتفق عليه من المحتجزين الإسرائيليين في غزة 10 أحياء و18 جثث قتلى – في اليوم الأول لوقف إطلاق النار، والنصف الآخر بعد أسبوع – وهو ما يمنح إسرائيل الفرصة للعودة للقتال بعد أسبوع واحد، وليس بعد 60 يوماً.. كما يقضي مشروع ويتكوف للهدنة.  

فضلاً عن أن المشروع لم يتضمَّن أية إشارة إلى الوقف المستدام لإطلاق النار، أو الانسحاب الكامل لقوات الاحتلال من القطاع. وحتى المساعدات الإغاثية لأهالي غزة، فإنه لم يحدد آليات توزيعها عليهم، ولم يقضِ بأن يكون حجمها مساوياً لما تضمَّنه اتفاق الهدنة السابقة؛ وهو ذات الأمر الذي حدث بالنسبة لأعداد المعتقلين الفلسطينيين.. الذين سيتم الإفراج عنهم. فلم يراعِ مشروع ويتكوف ذات المعايير السابقة، وإنما تحدث عن أعداد أقل.. تفرج عنها حكومة نتنياهو، خاصة من أصحاب المحكوميات الكبيرة. 

ولذلك جاء قبول حركة حماس لاقتراح مبعوث ترامب.. مقترناً بتحفظات عديدة، تتعلق بموعد الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين، وأعداد المعتقلين الفلسطينيين.. الذين سيُفرج عنهم، وحجم المساعدات وطريقة توزيعها على أهل غزة. وطالبت «حماس» بضمانات.. تقضي باستمرار وقف إطلاق النار بعد انتهاء الستين يومًا – ما دامت المفاوضات مستمرة – وقد سلمت قبل أيام مضت ردها للوسطاء، ولم يصدر رد فعل من ويتكوف على هذا الرد بعد.  

والنتيجة أن عيد الأضحى المبارك حل وانقضى، ولم تتحقق الهدنة التي يتم التفاوض بشأنها منذ شهور، لتستمر عذابات وآلام وأوجاع أهل غزة.. لرابع عيد على التوالي حتى الآن. 

إن الأضحية التي قدموها في هذا العيد.. هم أنفسهم وذووهم وأبناؤهم وبناتهم. وآلة الحرب الإسرائيلية تحصد يومياً العشرات من أرواحهم، وسلاح التجويع يضاعف أعداد الشهداء. ومع ذلك لم يضعفوا أو تلن عزيمتهم، ولم يفروا من أرضهم.. بحثًا عن ملاذ آمن.. كما خططت لذلك حكومة نتنياهو، بعد أن نالت موافقة أمريكا، التي ما زالت إدارتها تراودها آمال الاستيلاء على تلك البقعة من الأرض.. لاستثمارها عقارياً وسياحياً. 

وهذا يحدث – للأسف الشديد – تحت سمع وبصر العالم؛ الذي اعتاد على مشاهد التدمير اليومية، والقتل المخطط، والإبادة الجماعية، والتجويع الممنهج.. الذي تقوم به حكومة إرهابية تبغي الاستيلاء على كل الأراضي الفلسطينية، وتصفية قضيتهم.. لبلوغ هدف إسرائيل الكبرى، الذي يحلمون به، ويجدون من يساعدهم على تحقيقه. 

ويسأل أهل غزة – الآن – أنفسهم: هل يحل عليهم العيد الخامس، وقد توقفت تلك الحرب البشعة، وظفروا بوقف دائم لإطلاق النار، وحصلوا على ما يحتاجونه من وقت لتضميد جراحهم الغائرة، الوضعية والنفسية، وبدأت عمليات إعادة إعمار أرضهم مجدداً لتوفير مقومات الحياة الآدمية مجدداً لهم؟  

إن أربعة أعياد حزينة تكفي وتزيد. وعذابهم يجب أن يتوقف فوراً.. وبلا إبطاء. 

نقلاً عن «أخبار اليوم» 

شارك هذه المقالة
اترك تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *