Times of Egypt

عيد الميلاد في زمن الحروب.. احتفالات حزينة وصلوات تحت القصف

Mohamed Bosila

بين مشاعر مختلطة من التفاؤل الحذر والخوف العميق من المجهول، يستقبل المسيحيون في مناطق النزاعات في الشرق الأوسط وأجزاء أخرى من العالم عيد الميلاد وسط أجواء مشحونة بالحزن والتحديات. ففي سوريا الجديدة، وغزة المدمرة، وبيت لحم التي غابت عنها البهجة، تظهر أعياد الميلاد كمساحة للأمل وسط الألم.

صلوات تحت القصف في غزة

في غزة، تتزامن احتفالات عيد الميلاد المجيد مع ظروف استثنائية قاسية فرضتها الحرب المستمرة منذ أكتوبر 2023. هذه الحرب التي تركت آثارًا مدمرة على القطاع وأثقلت كاهل السكان بأعباء إنسانية هائلة.

اقتصرت مظاهر الاحتفال بالعيد في غزة على إقامة الصلوات في كنيسة العائلة المقدسة للاتين، حيث تجمع المسيحيون القلائل المتبقون وسط أجواء يغلب عليها الحزن والقلق على المستقبل. وبدلاً من الأضواء والزينة، طغى صوت الصلوات والتراتيل التي حملت دعوات للأمان والسلام.

قبل أيام من عيد الميلاد، قام الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للاتين، بزيارة القطاع، في خطوة تعكس تضامن الكنيسة مع سكان غزة. ترأس بيتسابالا قداسًا خاصًا دعا فيه للصبر والصمود، مشددًا على أهمية الأمل في وجه المحن. الجولة التي شملت لقاءات مع العائلات المسيحية وتوزيع مساعدات إنسانية، حملت رسالة دعم رمزية للمجتمع المسيحي الذي يعاني من نقص الخدمات الأساسية ووطأة الحرب.

في تصريحاته، قال بيتسابالا: “رسالتنا في هذا العيد هي رسالة سلام وأمل رغم كل التحديات. نصلي من أجل أن تنتهي هذه الحرب، وأن تعود الحياة إلى طبيعتها في غزة.”

من داخل الكنيسة، تحدث جورج الصايغ، أحد النازحين إلى كنيسة القديس برفيريوس التاريخية، قائلاً: “لم يعد للعيد نكهة الفرح. كل ما نتمناه هو أن نحيا بأمان. العيد هذا العام محاط بالحزن والموت.”

ظروف مختلفة لاحتفالات عيد الميلاد في سوريا

في سوريا، احتفالات عيد الميلاد المجيد كانت محاطة بظروف مختلفة لكنها لا تقل تعقيدًا. فبينما يحاول المسيحيون السوريون الحفاظ على تقاليد العيد وسط تحديات أمنية واقتصادية، تبقى أجواء الأمل والتفاؤل حاضرة ولو بقدر بسيط.

في دمشق، اجتمع المؤمنون في الكنائس للاحتفال بالقداس رغم الأوضاع الأمنية الصعبة. الزينة في الشوارع كانت أقل من المعتاد، ولكن حضور العائلات كان لافتًا، معبرين عن إرادة البقاء متحدين في وجه الظروف.

أما في مدينة سقيلبية بريف حماة الغربي، فقد ألقت حادثة إحراق شجرة الكريسماس بظلالها على أجواء العيد، مما أثار حزنًا واسعًا بين الأهالي. رغم ذلك، أصر العديد من السكان على إقامة احتفالات بسيطة، معتبرين أن العيد فرصة لتأكيد وحدة المجتمع وتضامنه.

تحدثت سارة لطيفة، إحدى الحاضرات للقداس في دمشق، قائلة: “رغم كل شيء، نحن هنا اليوم لنصلي ونشكر الله. العيد هو مناسبة للأمل، حتى لو كانت الظروف صعبة.”

من جانبه، أعرب نيكولا يازجي، أحد الحاضرين للقداس في دمشق، عن فرحته بالعيد وقال: “نحتفل اليوم ليس فقط بالمولد، بل بوحدتنا كأبناء هذا الوطن.”

وفي تصريح آخر، قالت إيما سويفجي، من سكان حمص: “رغم الحزن والخوف، نحاول أن نستعيد روح الميلاد. وجودنا هنا اليوم هو رسالة صمود.”

العراق: بين الأمل والخوف من داعش
دت سنوات من العنف والاضطهاد إلى تراجع عدد المسيحيين في العراق من 1,5 مليون نسمة في 2003 إلى نحو 400 ألف شخص فقط، وفقا لإحصاءات غير رسمية.

وتُعتبر الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية أكبر الطوائف المسيحية في العراق، حيث يُقدّر أن الكلدان يشكلون حوالي 80 بالمئة من المسيحيين في البلاد.

كما احتفل المسيحيون في مناطق سهل نينوى شمالي مركز مدينة الموصل، بعيد الميلاد، وسط دعوات وأمنيات بأن يعم الأمن والسلام في مناطقهم.

وعبّر المشاركون في قداس يوم الميلاد في بلدة تلسقف، عن مخاوفهم من ظهور خلايا نائمة لتنظيم داعش، بعد الوضع الإقليمي الجديد الذي طرأ على المنطقة، في إشارة إلى سقوط نظام الأسد في سوريا المجاورة، وسيطرة فصائل المعارضة بقيادة “هيئة تحرير الشام” المصنفة إرهابية في أميركا ودول أخرى، على الحكم.

يذكر أن مناطق سهل نينوى التي تقطنها أغلبية مسيحية تعرضت لهجمات تنظيم داعش عام 2014، وأدى ذلك إلى تهجير عشرات آلاف المواطنين، والنزوح إلى مناطق إقليم كردستان.

أوكرانيا: عيد الميلاد تحت القصف
في الساعات الأولى من صباح الأربعاء، استيقظت أوكرانيا على وابل من الصواريخ، في وقت تحتفل للعام الثاني تواليا بعيد الميلاد في 25 ديسمبر بدل السابع من يناير.

وكان نقل موعد الاحتفال بالميلاد الذي أقرّه الرئيس فولوديمير زيلينكسي، في يوليو 2023، واحدا من قرارات اتخذتها كييف في السنوات الأخيرة لتبتعد عن روسيا.

وأطلقت صفارات الإنذار في عموم أوكرانيا صباح الأربعاء، مع تحذير القوات الجوية من إطلاق روسيا صواريخ كروز، وإعلان السلطات في مدينة خاركيف بشمال شرق البلاد عن تعرّضها لهجوم صاروخي “كبير”.

رغم الأوضاع القاتمة في مناطق عديدة، تبقى احتفالات عيد الميلاد رمزًا للأمل والوحدة. في روما، دعا البابا فرانسيس في قداس عيد الميلاد إلى التفكير في الأطفال المتضررين من الحروب والقنابل التي تستهدف المدارس والمستشفيات.

شارك هذه المقالة
اترك تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.