لا أعتقد أنه من الموفق استمرار الحكومة في الحديث عن وجود عدد 9 ملايين لاجئ ولاجئة في مصر، وعن التكلفة المالية التي تتحملها من جراء ذلك. وذلك في ضوء المعلومات التالية:
أولاً، إن تعبير اللاجئ له تعريف محدد في المنظمات الدولية. وحسب مكتب المفوضية السامية للاجئين التابع للأمم المتحدة في مصر، فإن عدد اللاجئين في مصر يبلغ حوالي 600 ألف شخص.
ثانياً، ينبغي التمييز بين اللاجئ بالمعنى القانوني المتفق عليه دولياً، والأجانب المقيمين في الدولة بصفة مؤقتة أو دائمة. ويحصل هؤلاء في بلادنا على تأشيرة إقامة من الإدارة العامة للجوازات والهجرة والجنسية، يتم تجديدها دورياً.
ثالثاً، إن بعض المقيمين في مصر من أصحاب القدرات المالية والمهنية قاموا بعمل استثمارات وتكوين شركات. ومن ثم فإنهم يساهمون فى عملية النمو الاقتصادي وزيادة الناتج المحلي الإجمالي.
رابعاً، إن هذه الأرقام تبقى تقديرات، ولم يقم الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بتحديد العدد. وذكر بعض المسئولين أن هناك تقريراً لمنظمة الهجرة الدولية، التابعة للأمم المتحدة صدر عام 2022، أشار إلى رقم الـ9 ملايين.
وبالعودة إلى هذا التقرير، وهو بعنوان «أعداد المهاجرين في مصر»، يتضح أن المقصود برقم 9 ملايين هو عدد المقيمين الذين لا يحملون الجنسية المصرية، وأن هذا الرقم تقديري بناء على البيانات التي تسلمتها المنظمة من السفارات في القاهرة، والتشاور مع قادة مجتمعات المهاجرين، وعدد من الدراسات المكتبية ذات الصلة.
وأكد واضعو التقرير إدراكهم للفارق بين المهاجرين واللاجئين، فأشار الرسم التوضيحي (الوارد في الصفحة 3) إلى أن المهاجرين يمثلون 97% من رقم 9 ملايين، فيما يمثل اللاجئون وطالبو اللجوء نسبة 3%. فقط.
ونظراً للآثار السلبية المحتملة، داخلياً وخارجياً، من استمرار إشارة المسؤولين الحكوميين إلى رقم الـ9 ملايين، خصوصاً على صعيد العلاقات الاجتماعية بين الشعب المصري والمقيمين من غير حاملي الجنسية المصرية، فإنني أدعو الحكومة إلى التوقف عن الحديث عن هذا الموضوع إلى أن يكون بيدها أرقام دقيقة وموثقة.
نقلاً عن «الشروق»