توسّع مقاتلو حركة “إم23″، المدعومة من رواندا، سيطرتهم على أجزاء واسعة من مدينة غوما المحاصرة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، ما دفع السكان إلى الخروج بحذر من منازلهم بعد أيام من القتال العنيف في المنطقة الغنية بالمعادن.
تقدم سريع وسيطرة استراتيجية
تمكنت حركة إم23، مدعومة بقوات رواندية، من بسط نفوذها على مطار غوما وأجزاء كبيرة من وسط المدينة وأحيائها، عقب هجوم خاطف الأحد الماضي أدى إلى توغلها في عاصمة مقاطعة شمال كيفو. وشهدت المنطقة معارك ضارية فاقمت الأزمة الإنسانية في إقليم لطالما كان ساحة لصراعات الجماعات المسلحة المدعومة إقليمياً منذ الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994.
وتعد جمهورية الكونغو الديمقراطية من أغنى الدول بالموارد المعدنية، حيث تمتلك احتياطيات ضخمة من التنتالوم والقصدير والتنغستن والذهب، وهي معادن ضرورية لصناعة الهواتف الذكية والأجهزة الإلكترونية.
حصيلة ثقيلة من الضحايا
مع استمرار الاشتباكات لثلاثة أيام، قُتل أكثر من 100 شخص وأصيب نحو ألف آخر، وفق مصادر طبية في المدينة، التي تشهد اكتظاظاً كبيراً بالمصابين داخل مستشفياتها. وأكد طبيب لوكالة “فرانس برس” أن العديد من الجثث ما زالت ملقاة في الشوارع، بينما يفرّ الجنود الكونغوليون من مواقعهم، إذ خلع بعضهم زيهم العسكري لتجنب القبض عليهم.
غوما على وشك السقوط؟
في ظل انحسار القتال يوم الثلاثاء، لم يكن المشهد في شوارع غوما سوى مقاتلي حركة إم23 والقوات الرواندية، مما عزز المخاوف من سقوط المدينة بالكامل. وأفاد مصدر أمني بأن الحركة تسيطر على مقار حكومة إقليم شمال كيفو، وسط غموض حول مدى امتداد سيطرتها.
وفي هذا السياق، صرّح فانسان كاريغا، ممثل رواندا في منطقة البحيرات العظمى، بأن “إم23 لن تتوقف عند غوما فحسب، بل ستواصل التقدم في جنوب كيفو، ما لم يتم التوصل إلى مفاوضات جادة مع حكومة كينشاسا”، مشككاً في إمكانية تحقيق ذلك.
موجة نزوح ومخاوف إنسانية
أدى التصعيد العسكري إلى نزوح أكثر من 500 ألف شخص منذ بداية العام، وفقاً للأمم المتحدة، التي حذرت من نقص حاد في المواد الغذائية، ونهب المساعدات الإنسانية، واكتظاظ المستشفيات، ما يهدد بانتشار الأوبئة.
كما أن الجهود الدبلوماسية لم تفلح في احتواء الأزمة، حيث أُلغيت المحادثات التي توسطت فيها أنغولا بين الكونغو الديمقراطية ورواندا في اللحظات الأخيرة بسبب غياب الرئيس الرواندي بول كاغامي.
تصاعد الاحتجاجات واستهداف السفارات
في العاصمة كينشاسا، اندلعت احتجاجات غاضبة استهدفت عدة سفارات أجنبية، تعبيراً عن الغضب من غياب التدخل الدولي لوقف الأزمة في شرق البلاد. وأقدم المتظاهرون على إحراق إطارات أمام مقار بعثات دبلوماسية، من بينها سفارات فرنسا وبلجيكا والولايات المتحدة وكينيا وأوغندا وجنوب إفريقيا، فيما تعرضت السفارة الرواندية لهجوم مباشر.
ورداً على ذلك، دعت السفارة الأمريكية رعاياها إلى مغادرة الكونغو، بينما وصفت مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، الهجمات بأنها “مقلقة للغاية” و”غير مقبولة”.
وسط تصاعد التوترات، طالبت الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين رواندا بسحب قواتها من المنطقة، في محاولة للحد من تفاقم الأزمة ومنع انزلاق المنطقة إلى مزيد من الفوضى.