Times of Egypt

ثمانينيته الثرية «2».. ثم رد وشكر للداخلية 

Mohamed Bosila
أحمد الجمال

أحمد الجمال 

لا حيلة للكاتب.. يتجرَّد بها من ذاته، وهو يكتب عن موضوع متصل بوقائع عاشها وشارك فيها، أو راقبها، وبشخصيات شاركها وشاركته ذلك التعايش. وقد يبذل الكاتب جهداً كبيراً ليضبط قلمه، ويحول بينه وبين الاستطراد عن صاحبه، وليس عن الآخر والموضوع. وأعترف بأنني – وفيما أنا أكتب عن ثمانينية صديقي الأستاذ محمد سلماوي – أجد القلم قد شطح باتجاهي وليس باتجاهه، وأضطر للتوقف.. وإعادة الصياغة، لأخفف من ذلك الشطح. ثم إن الكتابة، رغم أنها تبدو ذاتية ومقتصرة على علاقات أشخاص بأعينهم.  

وبالتالي يقال، وما ذنب القارئ؟ وماذا سيستفيد من ملء المساحات؟ بما يبدو أنه سِيَر ذاتية.. يجامل أصحابها بعضهم البعض؟  

إلا أن الحقيقة، هي أن ذلك الذاتي.. هو وعاء لمضامين تاريخية واجتماعية ونفسية وسياسية، وأيضاً اقتصادية. وبمناسبة هذه «الاقتصادية» أواصل الكتابة عن ثمانينية صديقي الأستاذ محمد سلماوي؛ كما وعدت في نهاية مقال الأسبوع الفائت، الذي كتبت فيه بعضاً من الوقائع والدلالات. أما «الاقتصاد» في مسيرتنا المشتركة.. ففيه طرافة، وفيه تأمل ورصد لتطور الأوضاع الاقتصادية العامة، ودائماً ما يحذرني صديقي؛ من أن ما كتبته من قبل – وأكتبه من بعد – عن الدَّين الذي له في ذمتي، هو بمثابة إيصال أمانة، أو اعتراف مكتوب وموقع ومنشور، يمكنه – إذا أراد – مقاضاتي، ومطالبتي رسمياً بسداد المبلغ وفوائده، ووفق أسعار الذهب أو الدولار الآن.  

وأصل الحكاية، أنني خرجت من السجن مفرجاً عني.. على ذمة القضية رقم 101 أمن دولة عليا طوارئ، وذهبت لأعود لعملي في مركز بحوث الشرق الأوسط بجامعة عين شمس، فلم يسمحوا بعودتي للعمل، وأوقفت لحين البت في القضية جنائياً. ولعلمكم، لم يبت فيها حتى الآن.. رغم مرور ما يقرب من نصف قرن.  

والمهم، أنني بعد سنة من الإفراج عني، واستمرار البطالة، احتجت إلى ألف وخمسمائة جنيه؛ خلو رجل شقة صغيرة في حارة السلام (الترابية).. المتفرعة من شارع أحمد عصمت بعين شمس. وكانت أسرتي المكوَّنة من زوجتي – المغفور لها الدكتورة فاطمة صالح – وابنتي البكر مريم وأخيها محمد، نسكن في المسكن الملحق بالوحدة الصحية، بقرية بابل مركز تلا منوفية. وبدأت مشوار جمع المبلغ، وتكرَّم الأستاذ أحمد الخواجة نقيب المحامين – رحمة الله عليه – بالمساهمة بألف جنيه… والأستاذ هيكل بمائة جنيه، وصديقي وأخي الأستاذ الدكتور عبد الحميد صفوت بخمسين جنيهاً، ودبَّرت مائتي جنيه من الأهل، وتبقى مائة وخمسون، دفعها عداً ونقداً الأستاذ سلماوي. وكان جرام الذهب عيار 18 آنذاك باثنين جنيه، يعني المبلغ يساوي 75 جراماً من الذهب، وكان الدولار بأربعين قرشاً، يعني المبلغ يساوي 375 دولاراً.. الأمر الذي يفيد.. بأن للأستاذ الآن أن يطالب بـمبلغ 18750 جنيهاً إذا حسبها بالدولار.. أو بثلاثمائة ألف «300000» إذا طلبها بالذهب! هل رأيتم ماذا حدث؟ وكيف هي فداحة ما جرى؟!  

على جانب آخر، فإن ثمانين محمد سلماوي – بكل مراحل الوصول إليها – التي تضمنتها مذكراته الثرية، فيها مادة خصبة عما نسميه «كيمياء التواصل بين الأشخاص»، إذ يتبين أن الانتماء السياسي والفكري المشترك.. ليس كافياً للتقارب والصداقة بين البشر، ولكن هناك عوامل أخرى.. لا يمكن اختصارها في هذه السطور. وأزعم أن محمد سلماوي لديه قدرات «كيميائية» خاصة ومميزة، جاذبة لكل ذي سمة إبداعية أو إنسانية، ولن أقول «موهبة» حتى لا أمدح نفسي!  

وفي قدراته، تدقيق وإظهار واضح.. للخيط الرفيع؛ الذي يفصل بين مثقف الدولة، وبين مثقف النظام، إذ لم نلاحظ – وبأية درجة – أن صاحب الثمانين، قد تخلى – صراحة أو ضمناً، أو تلميحاً أو سراً – عن انتمائه الفكري وقناعاته السياسية، كي يحظى بوظيفة رفيعة أو جائزة مرموقة، أو موقع الصدارة في منظمات النخبة.. كاتحادات الكُتاب مثلاً. بل ولأنه أيضاً لا يُقحم انتماءه وقناعاته تلك.. في تقييم الناس، ولا في القواعد المنظمة للمواقع التي شغلها، ولأنه أيضاً ينطلق من أرضية الوطنية المصرية الخالصة.. المسلحة بثقافة رفيعة متنوعة؛ وجدناه يحظى – بشبه إجماع – عليه. ووجدنا نجيب محفوظ يختاره بشخصه.. لتسلم جائزة نوبل نيابة عنه. ولو أنني استطردت، لكتبت كتاباً كاملاً عن المثقف الوطني العروبي رفيع القدر. فتحية له، ودعاء بعمر مديد. 

وأنتقل إلى شكر واجب لوزارة الداخلية 

فقد أرسلت لي «المصري اليوم».. نص الرد الذي تلقته من وزارة الداخلية، حول ما كنت قد أثرته – في مقالي بتاريخ 23 أبريل 2025 – حول التسيب المروري في منطقة التجمع. وفي الرد تفصيل يقول: «نود الإحاطة بأن الأجهزة الأمنية بمديرية أمن القاهرة، قامت بعدة حملات مرورية بالمنطقة محل الشكوى.. لضبط المخالفات، وقد أسفرت جهودها، خلال الآونة الأخيرة، عن الآتي: 1- حجز عدد 16 مركبة مخالفة سير عكس الاتجاه. 2- تحرير عدد 38 مخالفة رخصتي قيادة وتسيير. 3- تحرير عدد 349 مخالفة مرورية متنوعة».  

انتهى رد الداخلية، ومن جانبي أتوجه بالشكر لاهتمامهم واستجابتهم، وأنوه إلى اقتراح.. هو أن تقوم كل التجمعات السكنية «الكمباوندات»، وأيضاً التجمعات التجارية والخدمية والمولات.. بدفع تكلفة كاميرات تتبع الداخلية، لمراقبة حركة السير.. المؤدية لبواباتها والخارجة منها، والمسافات القريبة، ويتم متابعتها.. مثلما تتابع كاميرات المرور الأخرى، إضافة إلى أنها ستساعد في رصد كل حركة.. يتطلب الأمر الرجوع إليها.. عند حدوث جرائم لا قدَّر الله.  

إن حملات في منطقة شوارع التجمع الأول.. كعبد الله بن سلمة، وما يوازيه ويتقاطع معه.. من شوارع، ستؤدي إلى حصيلة عالية، وانضباط مطلوب. 

نقلاً عن «المصري اليوم» 

شارك هذه المقالة
اترك تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *