سمير مرقص
(1)
«العهد الترامبي الثاني:
هل يعالج إخفاقات الأول؟»
هل سيتعلم ترامب الدرس.. من إخفاقات العهد الترامبي الأول؟ هذا هو السؤال الذي شغل بال الجميع: المؤيدين والمعارضين على السواء، إذ قام الفريقان بطرحه، كذلك طُرح العديد من الأسئلة.. التي تتعلق بالسياسات الترامبية، التي من المزمع أن يقوم بتنفيذها الرئيس الأمريكي المنتخب رقم 47، فذاكرة الفريقين لا ولن تنسى.. كيف أن خطاب ما يُعرف بـ «خطاب حال الاتحاد»، (وهو الخطاب الذي يلقيه الرئيس الأمريكي المنتخب.. بحسب القسم الثالث من المادة الثانية من الدستور الأمريكي، أمام الاجتماع المشترك بين مجلسي الكونجرس: النواب والشيوخ، نهاية يناير أو بداية فبراير من كل عام، خلال الدورة الرئاسية.. باستثناء السنة الرئاسية الأولى)،
الخطاب الذي ألقاه الرئيس.. بعد سنة من انطلاق العهد الأول من الزمن الترامبي (2017)، قد جاء مُحبطاً.. فبالرغم من أن الخطاب اتسم ببلاغة أدبية، إلا أنه وُصف – آنذاك، بـ «البؤس» – إذ رصد المراقبون آنذاك عدة إشكاليات كبرى، أشعلها الرئيس الجديد، منها: أولاً: الانقسام المجتمعي: الإثني/ الثقافي/ الطبقي/ الاجتماعي، وثانياً: المحاولة الدؤوب لإفشال كل الجهود الرئاسية السابقة، لتطبيق برنامج رعاية صحية، وثالثاً: الموقف المتشدد والمبالغ فيه حيال المهاجرين، ورابعاً: الانسحاب الأمريكي/ التنصل الأمريكي من المحافل الدولية والالتزامات المالية الواجبة تجاهها، خامساً: التصعيد النووي، سادساً: الكراهية الشديدة لما بات متداولاً للدولة العميقة الأمريكية، واكبها استقالات مستمرة.. لعناصر الإدارة الأمريكية التي اختارها ترامب، إضافة إلى شغور مئات الوظائف لفترة ممتدة. لقد تحولت تلك الإشكاليات المبكرة.. إلى إخفاقات مؤكدة بنهاية العهد الترامبي الأول. ومن ثم سارع المراقبون والمعنيون بالشأن الأمريكي إلى طرح العديد من الأسئلة المشروعة.
(2)
«الأسئلة المشروعة»
في هذا الإطار، شرع الكثيرون في استيضاح موقف ترامب.. من عديد القضايا في الداخل الأمريكي وخارجه، فبالنسبة لسياسة أمريكا الخارجية.. هناك: الموقف من الصين، وثانياً: الموقف من الحروب العالمية (تجاوزاً) في أكثر من منطقة حيوية/ إقليم (في أوروبا، والشرق الأوسط، وآسيا)، وثالثاً: الموقف من الاتفاقات العالمية مثل الاتفاقيات المتعلقة بالمناخ، ورابعاً: الموقف من أوروبا عموماً، ودعم حلف الأطلسي خاصة، وخامساً: الموقف من الاتفاق الإيراني الأمريكي الأوروبي… إلخ.
أما بالنسبة للسياسات المتعلقة بالداخل فلديه ما يلي: أولاً: هل يستمر في إفشال أي تشريعات وبرامج تطبيقية خاصة بالتأمين والرعاية المواطنية، خاصة للطبقتين الوسطى العريضة والدنيا؟، وثانياً: مدى التمادي في الإعفاءات الضريبية، ثم ثالثاً: مدى التوسع في زيادة الرسوم الجمركية.
(3)
«هل يتجاوز ترامب إدارته
الصفقاتية – الغريزية؟»
كل ما سبق من أسئلة – وغيرها – يتم طرحها بكثافة، أخذاً في الاعتبار.. أنها تُطرح، وفي خلفية ذهن المتسائلين.. أن إدارة ترامب في العهد الأول قد تميزت بغلبة «الذهنية الصفقاتية» Mentality Deal – نسبة لصفقة بمعناها الضيق – كذلك «بالسلوك الغريزي/ الغرائبي» Instinctual Behavior؛ وبالنسبة «للذهنية الصفقاتية» كتبت المحررة الاقتصادية بصحيفة «فاينانشيال تايمز» في طبعتها الأمريكية، بتاريخ 11 نوفمبر، مقالاً عنوانه: الشركة الأمريكية ورئيسها التنفيذي الجديد its new CEO & America incحيث عبرت فيه عن مخاوف الكثيرين.. الذين يرون ترامب رئيس دولة، بدرجة «كبير المديرين التنفيذيين» CEO: officer executive chief ، أو رئيس تنفيذي.. يدير الدولة باعتبارها «شركة خاصة مساهمة محددة المدة (أربع سنوات) تهدف إلى تحقيق أعلى ربح». وأن المواطن لديه هو «حامل أسهم».
أما بالنسبة «للسلوك الغريزي» فلقد كتب مبكراً «جيل باريس» مراسل صحيفة «لوموند» الفرنسية في واشنطن، أن مجمل السلوك الترامبي، يعكس شخصية رجل لا يرى إلا نفسه ومشروعه. ففي كل ما يفعل «نجده ينادي ويجاهد، ويفعل ما يعنُّ له، وفق قناعته التي قد تتناقض مع الواقع والمنطقي، والمتعارف عليه في السياسة الأمريكية.. داخلياً وخارجياً، والتي تصب لصالح الطبقة الأوليجاركية الثرية، لتمكينها من الحفاظ على مكاسبها.. دون انتقاص، مع بعض قطرات من تلك المكاسب.. للطبقة الوسطى العليا المهنية، وذلك على حساب الطبقات الأخرى.
(4)
«البداية المُقلقة»
الخلاصة، وبعيداً عن أي ظروف داخلية أمريكية استثنائية، وملابسات دولية متشابكة.. أدت لانتخاب ترامب، إلا أنه باليقين.. سيكون «التوجس» هو الشعور السائد حول الأداء الترامبي في عهده الثاني. والخوف والقلق من أن يكون استمراراً في الإخلال بالثوابت التاريخية، التي التزمت بها الإدارة الأمريكية.. ديمقراطية كانت أم جمهورية – بدرجة أو أخرى – والتي تتعلق:
أولاً: بالحلم الأمريكي بكل ما يتعلق بنوعية العيش لكل من آمنوا بهذا الحلم من الإثنيات المختلفة. ومن ثم ثانياً: بأمريكا البوتقة.
وما يفرضه ذلك من ثالثاً: تشريعات وسياسات اقتصادية واجتماعية عادلة.
ورابعاً: بدور أمريكا القيادي العالمي كقطب أوحد أو إمبراطورية وما يترتب على ذلك من التزامات.
وخامساً: بمستقبل الحلف الأمريكي الأوروبي الغربي الأطلسي.
بيد أن الرجل لم يُضع الوقت في تأكيد الخوف، إذ لم يمر أسبوع على فوزه بالرئاسة.. حتى بدأ يطرح الأسماء، التي سوف تشكل فريق الإدارة عملياً.. مع تسلمه الرئاسة رسمياً في العشرين من يناير 2025، حيث تم وصف الأشخاص المرشحين لعضوية الفريق الرئاسي بـ«الصقور» المتطرفة، حسب التعليق الذي تكرر في أكثر من مقال وتحقيق. ما يجعل البداية مقلقة واحتمالية تزايدها مستقبلاً. ما قد يؤدي إلى نهاية مؤلمة للعهد الترامبي الثاني مثلما حدث في الأول، والذي وُصف بـ«الترامبوكاليبس Trumpocalypse»، كما ذكرنا في المقال السابق.
نقلاً عن «المصري اليوم»