عبدالله عبدالسلام
قبل أيام، التقى الملاكم الأسطوري مايك تايسون (58 عاماً) مع الملاكم الشاب جيك بول (27 عاماً). لم تكن مباراة ملاكمة حقيقية، بل كانت أقرب إلى مهرجان لجمع المال. تايسون لم يلعب مباراة احترافية.. منذ 19 عاماً؛ عندما خسر أمام الأيرلندي كيفن مكبرايد عام 2005. آنذاك، قال إنه لم يعد يملك شجاعة القلب.. لمزيد من القتال، وإنه كان يقاتل فقط.. لدفع الفواتير المستحقة عليه. أما بول، فهو صانع محتوى على السوشيال ميديا تحول إلى ملاكم.
لكن صناعة الترفيه – التي تدر مليارات الدولارات – رأت استغلال الملاكمين الوهميين، والاعتماد على ماضي تايسون.. لكي تجذب 70 ألف متفرج حول حلبة الملاكمة، و120 مليون مشاهد عبر قناة نتفليكس، مقابل حصول الفائز على 40 مليون دولار، والخاسر على 20 مليوناً. لم يفكر تايسون في أنه يشوه تاريخه، وهو الذي يوصف بأنه الملاكم الأشرس.. على مدى التاريخ، وربما لا يتفوق عليه سوى محمد على كلاي.. في الموهبة وليس القوة. لم يكن تايسون – الذي بلغ ذروة مجده نهاية الثمانينيات – لائقاً صحياً، لكن المال أغراه؛ فاستجاب دون تردد. وبعد الهزيمة، قال إنه غير نادم على التجربة.
تايسون ليس وحده.. الذي تضطره أزماته المالية، ورغبته في العودة للأضواء.. إلى القبول بما لا يتناسب مع مكانته ولا تاريخه. فنانون ولاعبون.. مضى بهم قطار العمر، واعتزلوا ثم رجعوا. لا لشيء.. إلا الحاجة المادية، والاشتياق للإعلام والشهرة. وللأسف، رغم أن غالبية من عادوا، خسروا الكثير والكثير.. من صورتهم أمام جماهيرهم، إلا أنهم دائماً ما يجدون مبرراً لما فعلوه. إنها رغبة البشر الخفية.. في إيقاف عجلة الزمن، عند لحظة القوة والشهرة فقط.
تايسون كان يدرك جيداً.. أنه سيخسر المباراة؛ نتيجة فارق السنين الهائل، والحالة الصحية غير اللائقة. لكن صناعة الترفيه.. أرادت استغلال اسمه، وأراد هو أيضاً أن يكسب من وراء ذلك. إنه تحايل على الزمن، وتحايل على المشاهدي..ن الذين جرى إقناعهم بأن المباراة «نزال القرن»، بينما لم تكن سوى لعبة متقنة.. لجمع مئات الملايين.
نقلاً عن «الأهرام»