أمينة خيري
المواصلات العامة لا تختلف كثيراً عن «حق المتنزه»، حيث قواعد منظمة للاستمتاع بها، وكذلك «عن حق الرصيف والفضاءات العامة»، وذلك من حيث الملكية «العامة»، وأيضاً الالتباسات التي تحيط بها.
قررت أنظمة ووافقت شعوب.. على أن تكون هناك وسائل نقل بشرية، تحت رعاية الدولة، ويستخدمها المواطنون والزائرون.. بمقابل مادي.
الغالبية المطلقة من وسائل النقل العام على الكوكب.. مدعومة بشكل كبير من قبَل الحكومات المحلية والوطنية.
وهذه الوسائل غالباً.. تكون ذات كلفة مادية قليلة نسبياً، ومنها ما يحقق هامش ربح يسمح بأعمال الصيانة وسداد رواتب العاملين، ومنها ما لا يحقق هذا الهامش.
منظومة المواصلات العامة تضع الاعتبارات الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين في أولوياتها. كما تهدف غالباً إلى تقديم بدائل معقولة للمواطنين تشجعهم على عدم استخدام سياراتهم الخاصة.
مواصلاتنا العامة في مصر شهدت طفرة رائعة وهائلة في السنوات القليلة الماضية. من قطارات السكك الحديدية، إلى خطوط الباصات وتجديد أساطيلها، إلى خطوط مترو الأنفاق في القاهرة والجيزة الأكثر من رائعة، إلى القطار الكهربائي والمونوريل وغيرها. مليارات تنفقها الدولة لتوفير شبكة مواصلات عامة جيدة جداً، وهي الشبكة التي تضاف إليها شبكات أخرى لمواصلات عامة/ خاصة تتمثل في سيارات الأجرة والميكروباص والتوك توك وتطبيقات النقل وغيرها، والتي يُفترض أن يعمل جميعها تحت مظلة الدولة، وذلك من حيث سداد الضرائب والتنظيم والرقابة والمتابعة وغيرها.
والحقيقة أن شبكات المواصلات الجاري توسعتها وتحديثها وتحسينها تحظى باستحسان الغالبية من المصريين، وذلك مقارنة بما كانت عليه الأوضاع من قبل.
ما المشكلة إذن؟ مرة أخرى، لا أقارن.. بقدر ما أحاول الاستفادة من تجارب الآخرين. ماذا يحدث في أوقات الذروة في محطات مترو الأنفاق؟ هل ينتظر الركاب على الرصيف على جانبي الأبواب حتى يترجل الآخرون؟ أم يتدافعون ولا مانع من «زغد» القلة القليلة التي تنتظر على الجانب حتى ينزل من يريد النزول.. لتلقينها درساً في كيفية الهجوم على عربة القطار أو المترو، لا الانتظار؟
وما درجة وعى الركاب بقيمة وسائل النقل الجماعي هذه، وذلك من حيث الحفاظ عليها من التخريب وسوء الاستخدام؟
وهل تخضع هذه الوسائل للرقابة الحقيقية وتطبيق القوانين؟ على سبيل المثال لا الحصر، هل تلتزم الباصات والميكروباصات بمواقف ومحطات بعينها، أم أن سقف حرية الوقوف لا حدود له؟.
وهل يُعقل أن تكون هناك وسيلة مواصلات «خطيرة».. مثل التوك توك، ترتع في شوارع مصر بهذه الأعداد بلا رقابة.. لا من حيث خطوط السير أو الأجرة أو معرفة من يقود ماذا؟
العدد الرسمي للتوك توك المرخص يشير إلى نحو 200 ألف مركبة. التقديرات غير الرسمية تؤكد أن عددها لا يقل عن خمسة ملايين مركبة. المنظومة في حاجة ماسة إلى نظرة من المواطنين.. لتقويم استخدامهم لهذه الملكية العامة، ونظرتين من الدولة في الضبط والربط.
نقلاً عن «المصري اليوم»