Times of Egypt

السلطة الفلسطينية.. الإصلاح المراوغ! 

Mohamed Bosila
عبدالله عبدالسلام 

عبدالله عبدالسلام 

في القصة التراثية الهندية الشهيرة.. «العميان والفيل»، يلمس مجموعة من المكفوفين جسم الفيل من أماكن مختلفة، ويصفونه بناء على ما يشعرون به. جاء الوصف كما لو كان كل شخص يتحدث عن كائن.. لا علاقة له بما يصفه الآخرون. إصلاح السلطة الفلسطينية أمر مشابه. كل الأطراف – فلسطينية وعربية ودولية – تطالب به، لكن ليس هناك اتفاق على ماهية الإصلاح، وحدوده، وأولوياته.  

لسنوات طويلة، جرى الحديث عنه، دون أي تغيير واقعي على الأرض، إلا أن متطلبات اليوم التالي لإنهاء العدوان الإسرائيلي الوحشي في غزة.. تفرض على السلطة التحرك، وإلا كانت خارج الحسابات تماماً. 

الرئيس أبومازن قدّم – أمام القمة العربية – ما سماه: «الرؤية الفلسطينية لمواجهة التحديات».  

لم يستخدم لفظ الإصلاح، لكن – باستثناء استحداث منصب، وتعيين نائب لرئيس منظمة التحرير، والعفو العام عن جميع المفصولين من حركة فتح – جاءت الخطوات الأخرى؛ إما عامة.. كضخ دماء جديدة، وإعادة هيكلة الأطر القيادية للدولة، أو مرهونة بتوافر الظروف.. كإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية (التي لم تنعقد منذ 20 عاماً).  

لم يستتبع ذلك مراجعة صريحة.. لحصاد عمل السلطة منذ تأسيسها 1994، ولا برامج عمل تفصيلية للمرحلة المقبلة. كان الهدف من السلطة – كما يقول الباحث الأمريكي البارز ناثان براون، في مقال له مؤخراً – أن «تكون هيئة مؤقتة.. للسماح للفلسطينيين بالضفة وغزة بحكم أنفسهم، وتمهيد الطريق لقيام الدولة».  

لم تحقق السلطة ذلك. حلم الدولة يتلاشى. فشلت في بناء مؤسسات تقود لهذه الدولة. جرى تهميش البرلمان، ولم يعد القادة خاضعين للمساءلة. الفساد استشرى، والمسؤولون حصلوا على امتيازات ومنافع، وارتبط تولي المناصب بالولاء السياسي.. لا الكفاءة. براون يعلق قائلاً: «قد تطرأ تغييرات على السلطة، لكن من المستبعد أن يحدث ما يستحق وصفه بالإصلاح». 

إسرائيل لا تتحدث عن الإصلاح، بل عن زوال السلطة، وتصر على أنها.. لن تسمح لها بالعودة إلى غزة، وأنها لم تعد شريكاً لها في الضفة الغربية. نتنياهو قال بوضوح: إن السلطة لا تختلف عن حماس.. في كونها عدواً لإسرائيل.  

أمريكا ترامب تتبنى – تقريباً – هذا الموقف. والمجتمع الدولي.. كل ما يهمه الحفاظ على الأمن، وتهميش حماس، وتوفير الخدمات الاجتماعية.. لإقناع الجهات المانحة بدعم السلطة.  

لم يعد هناك إيمان كبير.. بأن إصلاح السلطة سيحولها إلى دولة. على الصعيد العربي، الإصلاح يعني إعادة الوحدة لحركة فتح؛ حتى تكون قادرة على التعامل مع المتغيرات الإقليمية.. مثل خطة ترامب لتهجير فلسطينيي غزة، وأن تكون شريكاً في أي ترتيبات قادمة. 

وفي وقت تواجه فيه القضية الفلسطينية أخطر التحديات – سواء بالنسبة لغزة، أو ضم الضفة لإسرائيل – تتصرف السلطة.. وكأنها ليست في عجلة من أمرها.  

منذ هجمات 7 أكتوبر 2023، اعتبرت نفسها البديل الشرعي لحكم غزة.. بعد حماس، دون أن تثبت أهليتها لذلك عملياً، أو تواجه – حتى – ما يجري من تهويد للضفة. راوغت في إصلاح نفسها، مما أدى إلى تجاوزها.. في كثير من المحطات المهمة.  

في اللحظات المصيرية، تبدو الخطوات المترددة، كأنها لا شيء. 

نقلاً عن «المصري اليوم» 

شارك هذه المقالة
اترك تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *