Times of Egypt

الأخلاق والتنوع والحرية 

Mohamed Bosila
أمينة خيري  

أمينة خيري 

في المقال التاسع – وقبل الأخير – في سلسلة «إعادة اختراع العجلة».. المستوحى من زيارة طويلة لبريطانيا، وذلك في محاولة لإلقاء الضوء على طرق حل معضلات نواجهها، وسبقنا آخرون في حلها.. بدلاً من إصرارنا: إما على تجاهل المشكلات من الأصل. أو إعادة اختراع طرق – غالباً تكون فاشلة – لعلاجها، أتحدث عن الأخلاق والتنوع والحرية الشخصية. 

التنوع والحرية الشخصية.. في بريطانيا يحميهما القانون، ولا شىء سوى القانون. لا القس في الكنيسة يناشد المصلين.. أن يلتزموا حُسن الأخلاق، أو الملك يخاطب شعبه.. مطالباً إياه بعدم التعدي على حريات الآخرين، ولا أسقف كانتربري (رأس الكنيسة الإنجيلية البروتستانتية «الإنجليزية») يناشد تجار الفاكهة وباعة الأرصفة وسياس شارع كذا.. الرأفة بالسكان، الذين يئنون تحت وطأتهم وقبضتهم، ولا طبيب أو محاسب أو مهندس أو سباك أو حداد.. قرر أن يكون رجل دين، يخبر الشعب – عبر الشاشات – أن التنوع مصيبة، وأن على الجميع أن يكونوا صورة طبق الأصل.. من بعضهم البعض، وإلا خربت الدنيا وضاعت الآخرة. 

لا يوجد مجتمع ملائكي وآخر شيطاني. وأي منظومة قوانين، البعض يحاول خرقها.. أو التحايل والالتفاف عليها. الفرق يكمن في هامش الملائكية، وفي طرق مواجهة الخروقات، ومعاقبة المتحايلين. وهل توجد إرادة من الأصل لاحترام القانون وتطبيقه؟ أم تغيب دون أن يأسف لغيابها أحد، أو يُساءل من سكت على تغييبها! 

المجتمع البريطاني متنوع، فيه شتى الألوان. وفقاً لتعداد عام 2021، لندن هي المنطقة الأكثر تنوعاً عرقياً في إنجلترا وويلز. نحو 63 في المائة من المقيمين في العاصمة البريطانية ينتمون لأصول ليست «بريطانية بيضاء». توجد عنصرية أحياناً؟ نعم. لكن القوانين تحمي – إلى حد كبير جداً – الضحايا. ولغة الخطاب الرسمي والإعلامي.. تطغى عليها بشكل عام، تسيطر عليها مفردات ومعاني رفض خطاب الكراهية. 

من جهة أخرى، فإن حرية التعبير والاعتقاد والزواج والتجمع السلمي.. بقواعد وغيرها، ليست حبراً على ورق. الحرية الشخصية مكفولة، طالما لم يخرق الشخص القوانين، أو يعتدي على حرية الآخرين. على سبيل المثال، لا يحق لعابر سبيل، أن يعلق على ملابس سيدة لا تعجبه، أو لا تطابق أفكاره، فما بالك بالتدخل لإجبارها.. على ارتداء المزيد أو الأقل؟! ولو فعل، فمن حق السيدة أن تلجأ إلى القانون لمعاقبته. 

ملحوظة على الهامش: رغم ارتداء بعض النساء في بريطانيا ملابس.. يصنفها البعض فى منطقتنا بـ«المكشوفة»، بالإضافة إلى تفاصيل الحرية الشخصية.. التي ترفضها وتعارضها مجتمعات أخرى، ورغم أن كثيرين في منطقتنا.. يربطون بين تكبيل الحرية الشخصية، وإجبار الغالبية المطلقة.. على اتباع نمط واحد لا ثاني له، وبين صون الأخلاق وحماية العفة، إلا أن نسبة معتبرة من جموع المهاجرين واللاجئين، والراغبين في البحث عن فرص أفضل من منطقتنا، يختارون دولاً مثل بريطانيا. وهم يعلمون علم اليقين.. تركيبة المجتمع الذي يحلمون بالانضمام إليه. 

إنه القانون.. الذي يحمي الحريات والحقوق، ويصون التنوع والاختلاف، ويٌحتَكم إليه وقت الخلاف. 

نقلاً عن «المصري اليوم« 

شارك هذه المقالة
اترك تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *