سيارات مثل كرات لعبة البولينج تتطاير في شوارع المدن. سيارات أخرى تتمايل في أنهار من الطين. الفيضانات تدمر في طريقها كل شيء. جثث البشر تملأ المشرحة. تحذيرات للناس من عدم الخروج من منازلهم.. هذه ليست مشاهد فيلم رعب هوليوودي، بل وقائع حقيقية حدثت شرق وجنوب إسبانيا خلال الأيام الماضية. كمية الأمطار التي هطلت في 8 ساعات تعادل ما سقط من أمطار خلال عام كامل.
إسبانيا ليست الوحيدة التي تتعرض للكوارث الطبيعية. قبلها إيطاليا وفرنسا وألمانيا والنمسا. لكن الأسوأ كان في أفريقيا. فيضانات قاتلة في السودان ونيجيريا وتشاد والكاميرون.. قتلت الآلاف، ودمرت كل شيء. بالطبع لم يهتم بها العالم لأنها وقعت في قارة مظلومة فقيرة تعاني شعوبها الحروب والمجاعة وعدم الاستقرار. الآن أصبح (الكل في الهم شرق)، الأغنياء والفقراء يواجهون نفس المصير. التغير المناخي أضحى حقيقة، ليس في أوروبا وأفريقيا فقط، بل في آسيا والأمريكتين أيضاً. ومع ذلك لا يتحرك العالم بما فيه الكفاية لمواجهة الكارثة التي صنعها البشر على مدى العقود الماضية.
رد فعل الدول على تلك الكوارث شديد الأنانية. أنا ومن بعدي الطوفان. إنه، كما يقول محرر شؤون البيئة بصحيفة الجارديان «جوناثان واتس»، أشبه بسلوك السائقين على الطرق السريعة عندما تقع حادثة.. «أبطئ السرعة. حاول استيعاب ما جرى. تعاطف مع المتضررين. اشكر الخالق لأنك حي بينما مات شخص آخر. انطلق بسيارتك إلى وجهتك». أليس هذا ما يفعله الأغنياء؟ الاهتمام بالنفس والاكتفاء بالتعاطف مع الفقراء؟
ما يحدث في حوض البحر المتوسط حالياً من فيضانات وأمطار غزيرة ليس له مثيل منذ نصف قرن. درجة حرارة المتوسط زادت، مما يؤدي إلى فيضان مياهه. حدث ذلك في ليبيا التي ضربتها أعاصير مدمرة، وها هو يضرب إسبانيا التي سقط فيها 220 قتيلاً. وللأسف، طالما لم تتخذ الحكومات إجراءات عملية فورية، فإن الأسوأ قادم. البحر المتوسط الذي كان موطن الحضارات، يتجه سريعاً لأن يكون إحدى المناطق المنكوبة. كوارث الطبيعة، التي يصنعها الإنسان، تهدد الوجود البشري حول هذا البحر.
نقلاً عن «المصري اليوم»