مقالات

مَن يحكم العالم؟

استرجعت سؤالاً طرحه الفيلسوف البريطاني برتراند راسل.. قبل أكثر من ثمانين عاماً، سؤالاً لطالما خطر على بال الكثيرين، وأنا منهم: «مَن يحكم العالم اليوم؟».

الفيلسوف المنطقي – الذي خرج من دائرة المنطق والرياضيات وانفتح على موضوعات تشغل الناس – الإجابة عنده بسيطة جداً: وصفهم بـ«الأغبياء».

حتى المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي- 94 عاماً – الفيلسوف والمُنظِّر السياسي، لم يستطع أن يقدم جواباً بسيطاً ومحدداً في كتابه «مَن يحكم العالم؟».. سوى رسم ملامح العلاقات الدولية والتأثيرات الاستراتيجية؛ فالولايات المتحدة الأمريكية.. تتشارك في الهيمنة مع «حكومة الأمر الواقع العالمية».. المؤلفة من قوى الرأسمالية المتصدّرة، وتوابعها من مؤسسات حاكمة جديدة؛ كصندوق النقد الدولي، ومنظمة التجارة العالمية. واقتناعه بأن صُناع السياسات يحتكمون إلى القاعدة.. التي وصفها أدولف بيرل – مستشار الرئيس الأمريكي الراحل فرانكلين روزفلت – ومفادها أن السيطرة على احتياطيات الطاقة الكامنة في الشرق الأوسط، هي مقدمة السيطرة الجوهرية على العالم.

فمشروع الهيمنة الأمريكية.. بدأ يتبلور خلال الحرب العالمية الثانية، وضعه خبراء الخارجية الأمريكية المتخصصون، واختارت أوروبا تأسيس حلف الناتو «شمال الأطلسي»، وأصبح حلف «الناتو» قوة تدخُّل تقودها الولايات المتحدة بهدف بسط النفوذ.

وبالطبع، وفق المشيئة الأمريكية، أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون.. حق الولايات المتحدة في استعمال القوة العسكرية لضمان نفوذها، وعليه.. إبقاء قواتها العسكرية في أوروبا وآسيا بهدف الأمن والديمومة الأمريكيين، هذه المبادئ أطّرت الغزو الأمريكي للعراق، وكلنا نعلم القصة وتفاصيلها.

جاء كتاب «مَن يحكم العالم؟».. مُغْوِياً بعنوانه اللافت المثير، مُحبطاً لقرائه الذين لم يحصلوا على إجابة! لم يعرف أحد الحقيقة إن وُجدت، ويبقى البحث والفضول، نقرأ الكتب ونشارك في الندوات والمؤتمرات، ويزيد الفضول؛ فيُبدع الكُتاب والروائيون وصانعو الأفلام والباحثون والمشعوذون والمتآمرون؛ مُدَّعين أن لديهم الوثائق السرية أو المتسربة، مؤمنين بما في العالم من فضول يكفي لنجاح كتبهم وأفلامهم وعجائبهم الخارقة.

ورغم هذا، لم نعرف مَن يحكم العالم، لكن تبقى حقيقة واضحة، رغم كل التحديات والمسارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، هي سيطرة رأس المال.. الذي يملك القدرة على تمويل المشروعات الضخمة، وتمويل التهديد النووي، مصانع السلاح، الأحزاب والأشخاص، وتمويل الفوضى وصناعة الإعلام، وإقراض الدول عبر البنوك التي تمول كل شيء، حتى ميزانيات الدول، وتدفع العجز، وتتحكم فيها عبر الديون.

ليس هذا فقط، ولكن بخلق قوة خفية تتحكم في هذا العالم، وتدمر الحضارة الإنسانية.. من خلف ستار قادة التكنولوجيا، وكبار الباحثين والعلماء، وعوالمهم الافتراضية.

ولي فيها حديث آخر.

نقلاً عن «المصري اليوم»

Share
لندن - تايمز أوف إيجبت

Recent Posts

مصدر: توزيع أسرى إسرائليين على أهداف محتملة للاحتلال في غزة

مصدر مطلع في غزة يقول أن عناصر المقاومة الفلسطينية «وزعت أعدادا من الأسرى الإسرائليين، على…

7 أشهر ago

احتفالية كبرى في لندن باليوبيل الذهبي لانتصار أكتوبر (صور)

مكتب الدفاع في السفارة المصرية يستضيف احتفالية كبرى.. بمناسبة الذكرى الخمسين (اليوبيل الذهبي) للانتصار في…

8 أشهر ago

مكتب الدفاع المصري بلندن يحتفل باليوبيل الذهبي لانتصارات أكتوبر

مكتب الدفاع المصري بلندن ينظم مساء غد الإثنين الثاني من أكتوبر ، إحتفالا رسمياً بمناسبة…

8 أشهر ago

تراجع سعر الذهب.. وعيار 21 يسجل 2175 جنيهًا

انخفض الذهب في مصر قرابة 20 جنيها منذ أمس الجمعة، على خلفية انخفاض سعر الذهب…

8 أشهر ago

وفاة عسكري بحريني رابع جراء الهجوم قرب الحدود السعودية اليمنية

أعلنت البحرين، أن عسكريا رابعا في وحدتها المشاركة في التحالف الذي تقوده الرياض ضد الحوثيين…

8 أشهر ago

مصر تُعلن إنتاج كل المواد البترولية بحلول العام المقبل

رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، يقول إن الدولة ستكون قادرة على إنتاج كل المنتجات…

8 أشهر ago

This website uses cookies.