في حديثٍ حصري مع وكالة فرانس برس، أكّد وزير الإعلام السوري الجديد، محمد العمر، أن الحكومة السورية تسعى إلى بناء إعلام حر يتسم بالموضوعية والمهنية. جاء هذا التصريح في سياق جهود الحكومة الجديدة لتحسين حرية الصحافة والرأي والتعبير، وذلك بعد عقودٍ من القيود المفروضة على وسائل الإعلام في عهد النظام السابق.
وقال العمر في حديثه: “نعمل على إعادة بناء إعلام سوري يتصف بالموضوعية ويعزز حرية التعبير، وهي الحقوق التي كانت مقيدة بشدة تحت حكم النظام السابق”. وأكد أن الهدف هو عدم الاستمرار في نهج الإعلام الرسمي الذي كان يقتصر على تلميع صورة السلطة، بل توفير مساحة أكبر لحرية الرأي والتعبير.
تطمينات جديدة للأقليات والوفود الخارجية
تصريحات الوزير تأتي في وقت حرج، حيث تكثّف السلطات الجديدة في سوريا تحركاتها لطمأنة الأقليات العرقية والدينية في البلاد، بالإضافة إلى الوفود الغربية والعربية التي بدأت بإعادة فتح خطوط دبلوماسية مع دمشق. كما أضاف العمر أن الإدارة الحالية تعمل على تسهيل دخول الصحافيين الأجانب إلى سوريا، حيث كانت وسائل الإعلام الأجنبية تخضع لتدقيق شديد في ظل النظام السابق.
وقال العمر: “سنقلل من إجراءات البيروقراطية لتيسير عمل الصحافيين الأجانب، وبذلك نفتح المجال لتغطية إعلامية أكثر تنوعاً وشفافية”. وأوضح أن الصحافيين الأجانب الذين كانوا يواجهون صعوبة في الحصول على تأشيرات دخول سابقاً سيجدون تسهيلات أكبر في الفترة القادمة.
إعادة بناء الإعلام الوطني ودعم الصحافيين
العمر أشار أيضاً إلى أهمية إعادة إشراك الصحافيين الذين عملوا في عهد بشار الأسد والذين رفضوا أن يكونوا جزءاً من آلة دعاية النظام السابق. وطمأن الصحافيين الذين كانوا يتعرضون لضغوط سياسية قائلاً: “سيتم استدعاؤهم لتولي مواقعهم من جديد”.
وزير الإعلام الجديد هو عضو في الحكومة الانتقالية التي شكلتها فصائل معارضة بقيادة هيئة تحرير الشام في 8 ديسمبر 2024، وذلك بعد الإطاحة بالرئيس بشار الأسد، ما أنهى أكثر من نصف قرن من حكم عائلة الأسد. وتعد هذه الحكومة بداية لمرحلة جديدة في سوريا، حيث بدأت وسائل الإعلام الرسمية في دمشق تغيير مواقفها بشكل كبير، إذ أصبحت تنتقد النظام السابق وتروج للثورة.
في إطار المرحلة الانتقالية، شدد الوزير العمر على أهمية الخبرة والكفاءة في تطوير الإعلام السوري. وقال: “نريد إعلاماً يعكس التنوع الثقافي السوري وينقل اهتمامات المواطنين بشكل يعزز التواصل بين الشعب والإدارة”. وفي ظل الظروف الحالية، تعمل الإدارة الجديدة على تخفيف القيود على الإعلام وتوسيع مساحة حرية التعبير.
قضايا محورية وتحديات أمام السلطات الجديدة
تسعى الحكومة السورية الجديدة إلى طمأنة مختلف الأطراف داخلياً وخارجياً بشأن توجهاتها المستقبلية. ففي هذا السياق، التقى قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، وفداً من قوات سوريا الديمقراطية “قسد” لبحث سبل التعاون في المرحلة القادمة. كما عقد لقاءات مع ممثلي الكنائس المسيحية لمناقشة وضع الأقليات في سوريا.
من جانب آخر، تظل التحديات كبيرة أمام السلطات الجديدة في سوريا، خاصةً فيما يتعلق بمحاسبة الإعلاميين الذين كانوا جزءاً من آلة الدعاية للنظام السابق. في 13 ديسمبر، نشرت وزارة الإعلام بياناً أكدت فيه عزمها محاسبة “جميع الإعلاميين الحربيين الذين كانوا جزءاً من آلة الحرب والدعاية لنظام الأسد الساقط”.
التركيز على التسامح والمصالحة
في حديثه عن المرحلة المقبلة، أكد أحمد الشرع أن “السلطة الجديدة ستدير البلاد بعقلية الدولة”، مشيراً إلى أن سوريا لن تكون مصدر إزعاج لأحد. وفي هذا السياق، يتم التركيز على التسامح والمصالحة بين مختلف الفئات في المجتمع السوري، بما في ذلك القوى الكردية التي لها دور كبير في الحرب الأهلية السورية.