عبد القادر شهيب..
لماذا أيّد ترامب.. إبرام اتفاق هدنة غزة، قبل دخوله البيت الأبيض؛ أي قبل انقضاء حكم بايدن؟! .. وهل ذلك يعني، أنه رغب في تقديم هدية لغريمه بايدن.. وهو يودع البيت الأبيض نهائياً؟!
بالطبع يصعب تصور ذلك، في ظل ما فعله بايدن.. لمراكمة العراقيل له، لتنفيذ وعوده الانتخابية؛ بوضع نهاية لحرب أوكرانيا، وذلك بمد أوكرانيا بصواريخ.. يصل مداها إلى عمق الأراضي الروسية، وتقديم معونة عسكرية قدرها سبعة مليارات دولار لكييف، وأيضاً فرض عقوبات اقتصادية جديدة.. تركزت على قطاع النفط الروسي،الذي يعتمد اقتصاد موسكو.
وبما أن ترامب لا ينسى تصفية حساباته مع خصومه، فإنه إذن بما فعله تجاه الهدنة في حرب غزة وسعيه لإتمامها قبل تسلم مهام منصبه رسمياً لم يكن يجامل غريمه بايدن، بل على العكس أراد أن يقول للجميع داخل وخارج أمريكا إن وقف تلك الحرب لم يكن ممكناً دون جهوده وتدخله شخصياً، وليس بجهود بايدن وإدارته التى أخفقت في تحقيق ذلك شهوراً عديدة..
فهو هدد المنطقة بـ «الجحيم».. إذا لم يتم التوصل إلى هذا الاتفاق – الذي يقضي بالإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين في غزة منذ السابع من أكتوبر عام 2023 -كما أنه أرسل مبعوثاً شخصياً لإسرائيل، لحث نتانياهو على القبول باتفاق الهدنة، وعدم تأجيله حتى يعود إلى البيت الأبيض مجدداً.
أي أنه أراد أن يبدو.. أنه هو الذي عجّل بالتوصل إلى هذا الاتفاق، الذي دخل حيز التنفيذ قبل ثلاثة أيام، إعلان حركة حماس قبوله رسمياً.. وكانت تُرجئ إعلانها هذا.. حتى تسلم إسرائيل خرائط انسحاب قواتها من قطاع غزة.. المقرر في الاتفاق.
إذن ترامب لم يكن يقدم هدية لغريمه بايدن.. في نهاية حكمه، مثلما حدث أيضاً قبلها.. في اتفاق وقف الحرب اللبنانية، التي بادر بالإعلان عن رغبته في التوصل له أيضاً.. قبل وصوله إلى البيت الأبيض؛ ليبين أن ذلك تحقق بجهده هو شخصياً، وليس بجهد بايدن.
أي أن ترامب كان يحرج بايدن، ويبين أن الأمور لم تتحرك.. لوقف الحرب الإسرائيلية ضد أهل غزة -التي امتدت إلى لبنان – إلا بعد أن فاز في الانتخابات، وأصبح الرئيس الجديد لأمريكا، بينما عجز بايدن عن ذلك.. رغم الزيارات العديدة التي قام بها لإسرائيل وزير خارجيته أنتوني بلينكين، ورئيس المخابرات الأمريكية والمبعوث الشخصي لبايدن، ووزير الدفاع الأمريكي.
في هذا الإطار، يمكن فهم ما قاله بلينكن مؤخراً.. حول أن إدارة بايدن سوف تسلم ترامب خطة اليوم التالي في غزة، التي تتضمن مرحلة انتقالية لحكم القطاع، تتواجد خلالها قوات دولية فيه، لضمان الأمن.. قبل تسليم إدارته للسلطة الفلسطينية.. بشرط تأهيلها.
فقد أرادت إدارة بايدن، الإيحاء بأنها أنجزت كل شيء يتعلق بغزة لترامب؛ بما فيها ترتيب أوضاع غزة.. بعد وقف إطلاق النار فيها، وعليه التنفيذ فقط، رغم أنها تعلم أن ترامب لديه رؤاه الخاصة المتعلقة بالفلسطينيين، المختلفة عما تراه هي.
فترامب.. ليس متحمساً لحل الدولتين، بل هو متحمس فقط.. لتوسيع مساحة إسرائيل – كما قال في حملته الانتخابية – مع تعويض الفلسطينيين ببعض المساعدات والأموال، التي لن يدفعها هو وإنما سوف يحث من يملكون المال من العرب لدفعها!
لذلك.. فإن اتفاق الهدنة في غزة – وإن تم التوصل إليه الآن قبل دخول ترامب البيت الأبيض – تنفيذه سيتم بعد تسلمه مهام منصبه رسمياً.. وبالتالي سوف ينسب له ولإدارته إتمام تنفيذه؛ خاصة وأنه يتضمن ثلاث مراحل، الأولى تتضمن تبادل 33 من المحتجزين الإسرائيليين في غزة، مقابل أكثر من 1300 أسير ومعتقل فلسطيني.. في السجون الإسرائيلية، مع بعض الانسحابات لقوات الاحتلال الإسرائيلي من أراضٍ بالقطاع، وعودة النازحين الفلسطينيين إلى شمال القطاع، وتقديم كميات كبيرة من المساعدات لأهل غزة.
بينما تشملالمرحلة الثانية الانسحاب الكامل لقوات الاحتلال من القطاع، والإفراج عن باقي المحتجزين الإسرائيليين في غزة.. أحياء أو قتلى، مقابل عدد من المعتقلين الفلسطينيين، يتم الاتفاق عليه في المفاوضات.. التي ستبدأ يوم السادس عشر من هدنة الستة أسابيع الأولى.
أما المرحلة الثالثة، فهي تتعلق بإعادة تعمير القطاع. وهكذا إذا كان الإعلان عن هذا الاتفاق، تم قبل عودة ترامب للبيت الأبيض بيوم واحد، فإن تنفيذه يتم وهو داخل البيت الأبيض، وبالتالي.. سوف ينسب له التنفيذ الكامل له، حتى وإن كان توقيعه تمفي آخر أيام بايدن بالبيت الأبيض!
نقلاً عن «الأخبار»