Times of Egypt

مَن يحكم العالم؟

Ahmed Kandil
مودي

مودي حكيم

استرجعت سؤالاً طرحه الفيلسوف البريطاني برتراند راسل.. قبل أكثر من ثمانين عاماً، سؤالاً لطالما خطر على بال الكثيرين، وأنا منهم: «مَن يحكم العالم اليوم؟».

الفيلسوف المنطقي – الذي خرج من دائرة المنطق والرياضيات وانفتح على موضوعات تشغل الناس – الإجابة عنده بسيطة جداً: وصفهم بـ«الأغبياء».

حتى المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي- 94 عاماً – الفيلسوف والمُنظِّر السياسي، لم يستطع أن يقدم جواباً بسيطاً ومحدداً في كتابه «مَن يحكم العالم؟».. سوى رسم ملامح العلاقات الدولية والتأثيرات الاستراتيجية؛ فالولايات المتحدة الأمريكية.. تتشارك في الهيمنة مع «حكومة الأمر الواقع العالمية».. المؤلفة من قوى الرأسمالية المتصدّرة، وتوابعها من مؤسسات حاكمة جديدة؛ كصندوق النقد الدولي، ومنظمة التجارة العالمية. واقتناعه بأن صُناع السياسات يحتكمون إلى القاعدة.. التي وصفها أدولف بيرل – مستشار الرئيس الأمريكي الراحل فرانكلين روزفلت – ومفادها أن السيطرة على احتياطيات الطاقة الكامنة في الشرق الأوسط، هي مقدمة السيطرة الجوهرية على العالم.

فمشروع الهيمنة الأمريكية.. بدأ يتبلور خلال الحرب العالمية الثانية، وضعه خبراء الخارجية الأمريكية المتخصصون، واختارت أوروبا تأسيس حلف الناتو «شمال الأطلسي»، وأصبح حلف «الناتو» قوة تدخُّل تقودها الولايات المتحدة بهدف بسط النفوذ.

وبالطبع، وفق المشيئة الأمريكية، أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون.. حق الولايات المتحدة في استعمال القوة العسكرية لضمان نفوذها، وعليه.. إبقاء قواتها العسكرية في أوروبا وآسيا بهدف الأمن والديمومة الأمريكيين، هذه المبادئ أطّرت الغزو الأمريكي للعراق، وكلنا نعلم القصة وتفاصيلها.

جاء كتاب «مَن يحكم العالم؟».. مُغْوِياً بعنوانه اللافت المثير، مُحبطاً لقرائه الذين لم يحصلوا على إجابة! لم يعرف أحد الحقيقة إن وُجدت، ويبقى البحث والفضول، نقرأ الكتب ونشارك في الندوات والمؤتمرات، ويزيد الفضول؛ فيُبدع الكُتاب والروائيون وصانعو الأفلام والباحثون والمشعوذون والمتآمرون؛ مُدَّعين أن لديهم الوثائق السرية أو المتسربة، مؤمنين بما في العالم من فضول يكفي لنجاح كتبهم وأفلامهم وعجائبهم الخارقة.

ورغم هذا، لم نعرف مَن يحكم العالم، لكن تبقى حقيقة واضحة، رغم كل التحديات والمسارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، هي سيطرة رأس المال.. الذي يملك القدرة على تمويل المشروعات الضخمة، وتمويل التهديد النووي، مصانع السلاح، الأحزاب والأشخاص، وتمويل الفوضى وصناعة الإعلام، وإقراض الدول عبر البنوك التي تمول كل شيء، حتى ميزانيات الدول، وتدفع العجز، وتتحكم فيها عبر الديون.

ليس هذا فقط، ولكن بخلق قوة خفية تتحكم في هذا العالم، وتدمر الحضارة الإنسانية.. من خلف ستار قادة التكنولوجيا، وكبار الباحثين والعلماء، وعوالمهم الافتراضية.

ولي فيها حديث آخر.

نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة