أمينة خيري
في الساعات القليلة الماضية، وبعد الكتابة عن الصفحة الجديدة.. في العلاقة بين أشهر أو أقوى رجلين في العالم، جرت مياه كثيرة أكثر سخونة تحت الجسر.
تضاربت المصالح، فانهار الود، وتهدَّم التقارب، وتبخَّر كل الكلام الحلو.. الذي قاله ترامب عن ماسك، وتبدَّد كل الدعم الذي أبداه ماسك – قولاً وفعلاً- لترامب. وبعيداً عن هذا الكم المذهل من الاهتمام العالمي، والمشاهدات والمتابعات والبحث والتنقيب.. عما قال ترامب عن ماسك مهدداً، أو ما غرَّد به ماسك مندداً، فإن الصفحة الجديدة.. أبعد ما تكون عن مجرد صراع مثير بين مشاهير، يقتصر الاهتمام به على المتابعة عن بُعد، ثم نعود إلى ممارسة حياتنا العادية، فحياتنا العادية معرضة للتأثر – ولو غير المباشر- جراء هذا الصراع.
بعد أسابيع مما بدا أنه تطابُق في الرؤى السياسية والاقتصادية، بل والحب وتبادل عبارات الإعجاب علانية، حدث شقاق.. من شأنه أن يؤثر على أحوال الكوكب؛ بحسب طريقة حسمه الأيام القليلة المقبلة. حتى السيارة «تِسلا» الحمراء، التي اشتراها الرئيس ترامب أيام الود من داخل البيت الأبيض، على سبيل دعم مستشاره وصديقه ماسك في وقت واجهت فيه الشركة التي يملكها ماسك حرباً شعواء وخسائر رهيبة، ودعوات مقاطعة السيارة، لا لمشكلات تقنية فقط، ولكن لأسباب تتعلق بـ«سلوك ماسك»، ودعمه للرئيس الأمريكي، وكذلك لليمين المتطرف الأوروبي، تجد نفسها اليوم.. ضحية من ضحايا الخلاف والشقاق.
الـ«تِسلا» الحمراء تقف خارج الجناح الغربي في البيت الأبيض منذ أسابيع.. بلا حراك. واليوم، يفكر الرئيس في بيعها أو التبرع بها، ومن الجيد أنه لم يقل «إلقاءها في القمامة»، وذلك «بعد ما فقد المسكين (ماسك) عقله».. على حد قول الرئيس ترامب.
يقولون إن العناد يولد الكفر، وكلا الرجلين بالغ العناد، والكفر الذي قد ينجم عن الصراع ليس زعزعة إيمانية، بقدر ما سيكون مزيداً من الزعزعة لأحوال الكوكب.
هل يؤسس ماسك، أو يدعم تأسيس حزب سياسي ثالث قوي في أمريكا.. قادر على المنافسة حقاً؟ هل يتدخل – بماله وعلاقاته وقدراته الشخصية والتقنية (عبر «إكس» وتطبيقات الذكاء الاصطناعي) – للتأثير في نتائج انتخابات التجديد النصفي في الكونجرس، ومن ثم زعزعة سيطرة الرئيس؟
هل يهاجر – ولو رمزياً – في الاتجاه المعاكس، عائداً إلى جنوب أفريقيا التي وُلد فيها، والتي وجد رئيسها سيريل رامافوزا نفسه.. في موقف التلميذ، الذي تجري مساءلته ومحاسبته.. من قبَل الرئيس ترامب.. أمام الكاميرات؟ كما حدث مع الرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي. وهو ما سيحرج الرئيس ترامب أيضاً.
لا يهم الآن معرفة كل محطات العلاقة بين ترامب وماسك، منذ الحرب الشعواء بينهما في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016، ودعم ماسك للمرشحين الديمقراطيين على طول الخط.. قبل التحول المفاجئ الأخير. كما لا يهم متابعة التراشقات والتهديدات المتبادلة بينهما الآن.
ما يهم، هو معرفة ما سيلحق بنا جميعاً.. نتيجة المرحلة الجديدة في العلاقة بين الرجلين، ومعنا «تِسلا» الحمراء.
نقلاً عن «المصري اليوم»