Times of Egypt

مستقبل اللغة «الخشبية»!

Mohamed Bosila
عبدالله عبدالسلام 

عبدالله عبدالسلام

نادراً ما يتعرض الإعلام والصحافة في أي دولة، لاختبار.. بقسوة ما حدث في سوريا. 

… أن تكون جزءاً من منظومة حكم.. تدافع عنها؛ سواء كنت مؤمناً أو مُرغماً، ثم تتحول – في يوم واحد – إلى النهش فيها؛ بنفس القوة والشراسة.. التي كانت تصد عنها الهجمات. 

بعد أن كان بشار «السيد الرئيس الدكتور الشاب البطل»، أصبح – في 8 ديسمبر الماضي – طاغية، وقاتلاً للسوريين وحرياتهم ومستقبلهم. 

للأسف، كان التأييد بفجاجة، والتراجع أيضاً. إنها أزمة نفسية وضميرية ومهنية. أن تتخلى عن اللغة «الخشبية»، التي تعني استخدام قوالب لغوية فخمة، جاهزة ومعلبة وموغلة في الزيف، وتتبنى لغة مهنية موضوعية تنحاز للناس وليس للنظام.. ليس بالأمر السهل. هناك حاجة للتغيير في العقول، بل في المهنة ذاتها.

انطلق التلفزيون السوري في نفس توقيت ظهور التلفزيون المصري (21 يوليو 1960)، وبمسمى واحد «التلفزيون العربي».. في دولة الوحدة. 

منذ سقوط الأسد، صمت التلفزيون السوري عن البث، ولا يزال إلا من شريط للأخبار، بينما تظل الشاشة سوداء طيلة الوقت. هناك حاجة لنهج إعلامي جديد.. للتعامل مع الحاضر والمستقبل. الأفكار كثيرة.. عن ضرورة أن يتحدث الإعلام باسم الشعب، ويتبنى الموضوعية، وينتقي الكوادر، ويطبق قيم المُساءلة.. لكن كيف؟. 

هذا يحتاج رؤية وخطة وتوجهاً. 

إعلامي سوري يحذر من استنساخ التلفزيون، ليعود كما كان في عهد الأسد. ضخ الأخبار في اتجاه واحد.. من السلطة للناس، على شكل أوامر وفرمانات.. من شأنه إضاعة فرصة تاريخية لخلق شاشة تتحدث باسم الشعب.

الصحافة حالتها مماثلة، وربما أسوأ. سوريا الأسد احتلت المرتبة قبل الأخيرة في حرية الصحافة.. طبقاً لمنظمة «صحفيون بلا حدود». روّجت لأمجاد بشار وحزب البعث، لكن تلبستها الحماسة الثورية بعد سقوطه. صحفيون غيّروا بسرعة.. صور حساباتهم الشخصية على مواقع التواصل.. إلى أخرى مؤيدة للثورة، وأزالوا ما يدل على تأييدهم السلطات السابقة. صحيفة «تشرين» – التي صدرت عام 1975 في الذكرى الثانية لحرب أكتوبر، التي تسمى «حرب تشرين» في سوريا – غيرت اسمها إلى «الحرية». رئيس تحريرها قال: إنها كانت تنفذ فقط التعليمات وتنشر الأخبار الحكومية.

السلطة الجديدة عينت مقربين منها.. في مناصب قيادية إعلامية. زياد محاميد – الذي كان ضمن الفريق الإعلامي لهيئة تحرير الشام الحاكمة – تولى إدارة وكالة الأنباء السورية «سانا». هيئة تحرير الشام ليست فوق مستوى الشبهات.. بشأن تعاملها مع الصحفيين، ونظرتها لحرية الصحافة. اختطفت من قبل 8 صحفيين، وقتلت 6 منهم. 

صحفيون كثيرون.. يترقبون نهج السلطة في التعامل مع الإعلام. قائلين: إن الأفعال أهم كثيراً من الأقوال. الكل يتحدث ويطالب ويتمنى، لكن الفترة المقبلة، ستكشف ما إذا كان الإعلام السوري تغير حقيقة. أم أنه استوعب فقط.. الخَضّة التي أُصيب بها، بعد انهيار نظام الأسد. الصحفيون ليس وحدهم. هناك الفنانون وغيرهم الكثيرون. ما يجري في سوريا يهم كل العرب. اللغة الخشبية لم تغادرنا بعد.

نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة
اترك تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *