Times of Egypt

مستر بيست

Mohamed Bosila
زاهي حواس

زاهي حواس

لا أعرف حتى الآن، السبب المباشر للشائعات والأكاذيب.. التي يروجها البعض، بغرض نشر الإحباط وعدم الثقة، فقد انتشرت في كل مكان الأسبوع الماضي أخبار ومقاطع فيديو.. تدَّعي أن مستر بيست قام بتأجير الأهرامات! وبكل تأكيد فإن هذا لم يحدث، وليس من حق أي شخص أو كيان أن يؤجر الآثار. إن ما قاله مستر بيست بالنص كالآتي:

We got the Egyptian pyramids for 100 hours

والترجمة: «لقد حصلنا على الأهرامات.. لمدة مائة ساعة».

ومن حق أي إنسان – أو أي محطة تليفزيونية – دفع الرسوم التي أقرها المجلس الأعلى للآثار للتصوير.. لأي مدة من الوقت. وأيضاً من حق أي شخص، أن يصور.. في غير مواعيد العمل الرسمية، نظير دفع الرسوم. وهذا ما حصل عليه مستر بيست – الذي سوف يُعرض برنامجه في شهر يناير (الجاري) – وسوف يشاهده أكثر من 400 مليون شخص. فهل المقصود هو تدمير كل شيء جميل؟! أو هل المقصود هو تحويل النجاح إلى فشل، وبالتالي تصدير الإحباط إلى الناس؟

… أسئلة لا بد من أن نجيب عنها جيداً، لكي نعي ما يحدث من بعض مَن يعيشون بيننا، ويخفون وجههم الحقيقي.

جاء مستر بيست إلى مصر.. وإذا كان عمرك قد تخطى الـ 20 عاماً، فأكثر الظن أنك لا تعرف مَن هو مستر بيست! حيث إن معظم متابعيه من الفئة العمرية بين التاسعة إلى العشرين سنة. ولك أن تتصور أن هذا الشخص يتابعه حوالي 700 مليون متابع.. على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة. كنت أصور معه داخل الهرم، وعندما علم ابن صديقي هشام جاد الله.. أن مستر بيست في الهرم كاد يطير فرحاً! وتمنى فقط لو أنه التقط صورة معه.

مستر بيست.. هو اسم البرنامج الذي يقدمه جيمي. وهو شاب عمره 25 عاماً، وجمع ثروة تُقدر بنصف مليار دولار. وهو يستخدم محطته على يوتيوب.. للإعلان عن برامجه، التي تمتاز بمقاطع الفيديو السريعة، بالإضافة إلى تقديم الهدايا. ولديه حوالي 319 مليون مشترك على يوتيوب، ما يجعله صاحب أكبر عدد من المشتركين، بالإضافة إلى أكثر من 104 ملايين متابع على تيك توك و60 مليوناً على إنستجرام. وقد قال لي إنه بدأ وعمره تسع سنوات، وكانت أمه ترفض تماماً أن يكرس حياته لعمل برنامج على الإنترنت. ولكن بعد هذا النجاح الكبير.. أصبحت أمه فخورة به جداً. وهو يعيش في مدينة صغيرة بجوار مدينة شارلتون في شمال كارولاينا. ويُدير أيضاً عدة قنوات، كما أسس علامات تجارية منها «مستر بيست برجر» وغيرها.

وُلد جيمي في 7- 5- 1998، في مدينة مجاورة لكانساس سيتي، ويعيش الآن كما ذكرنا بالقرب من شمال كارولاينا. تخرج في مدرسة ثانوية خاصة عام 2016، والتحق بجامعة شرق كارولاينا، ولكنه لم يُكمل دراسته. أول فيديو عمله على يوتيوب في بداية 2012، وهو في الثالثة عشرة من عمره. وهو يتبرع بالملايين، ولذلك اعتُبر أكبر فاعل خير على يوتيوب.

قرر أن يقوم بعمل برنامج من منطقة الأهرامات. ولذلك، فمن المفترض أن يقيم لمدة سبعة أيام.. بالقرب من الأهرامات، وقد ساعدته لإنجاح هذا البرنامج والترويج للسياحة بمصر. وقد قام المجلس الأعلى للآثار.. بتطبيق قوانين التصوير المقررة، ودفع رسوم التصوير.. في غير مواعيد العمل، وهذا مُتاح للجميع دون استثناء. لقد جاء إلى مصر – ومعه قافلة كبيرة من الممثلين والمنتجين – وبلا شك، أن هذا البرنامج هو دعاية كبيرة جداً لمصر. وقد طلب مني المنتج شون.. أن أقابل مستر بيست، واتفقت معهم على أن أصور معه لمدة يومين.. في شهر ديسمبر. وعلى المقابلة في الساعة السادسة صباحاً.

وعندما تقابلت معه.. عرفت أن اسمه جيمي، وحوله حوالي خمسة شباب – لا يزيد عمر الواحد منهم عن الـ 20 عاماً، وقلت له إنني أود أن أعقد معه اتفاقاً. وشرحت له أنه تصلني أسبوعياً مئات من الرسائل على البريد الإلكتروني.. المعروف باسم «بريد المعجبين»، أي أنها تصل لي من المهتمين بحضارة مصر الفرعونية، وقلت له إن هناك بعض الرسائل التي يرسلها مهووسون بفكرة أنني أقوم بالكشف عن أدلة.. تثبت أن الأهرامات بناها قوم جاءوا من الفضاء، ومن القارة المفقودة أطلانتس، وأنني أقوم بإخفاء هذه الأدلة! وهناك أيضاً ما أعلنه منذ فترة قصيرة الملياردير إيلون ماسك.. عن أن هناك قوماً من الفضاء، هم الذين بنوا الأهرام!

 طلبت من مستر بيست.. أن يكون حَكَماً بيني وبين هؤلاء الناس. وأن يعلن لهم الحقيقة؛ خاصة أن المتابعين له من الشباب، وأنا أتمنى أن يعرف شباب العالم كله – من خلال برنامجه – أن الهرم بناه المصريون القدماء، وأن موضوع القادمين من الفضاء أو قارة أطلانتس.. خرافة ووهم. وكان البرنامج للإجابة عن أسئلة من نوعية: هل هناك أنفاق عُثر عليها داخل «أبوالهول»؟ وهل هناك أشياء مدفونة أسفل «أبوالهول»؟ ولماذا رأس «أبوالهول» صغير بالنسبة للجسم؟ وأجبت عن كل تلك الأسئلة، التي سوف تُعلن للجميع.. عند إذاعة ما تم تصويره في منطقة الهرم مع مستر بيست.

دخلنا معاً إلى لوحة الحلم، وشرحت له تاريخ «أبوالهول».

وكانت الإجابة عن السؤال الأول: هل هناك أنفاق داخل «أبوالهول»؟ بنعم!

النفق الأول خلف لوحة الحلم، ويمتد داخل جسم «أبوالهول» إلى مسافة ثلاثة أمتار. والنفق الثاني يقع خلف رأس «أبوالهول» من أعلى، ويمتد داخل جسم التمثال إلى مسافة خمسة أمتار، والثالث يقع خلف التمثال، والرابع في الناحية الشمالية.. وهو عبارة عن سرداب لم أفتحه، ولكن فتحه السيد باريز – عالِم الآثار الفرنسي – الذي كان يرمم «أبوالهول» عام 1927، ولديه صور العمال داخل سرداب «أبوالهول».

ودخلنا معاً في مغامرة جميلة داخل «أبوالهول»، وقلت لجيمي: إننا عثرنا داخل هذا السرداب.. على قطع فخارية يعود عمرها إلى العصر المتأخر (500 عام قبل الميلاد). لقد كان المصريون في العصر المتأخر.. يعتقدون أيضاً بوجود أسرار أسفل «أبوالهول»، فقاموا بحفر هذه السراديب، لكنهم لم يعثروا على شيء.

وقلت له: أرجو أن تعلن الآن ما شاهدته. وفي اليوم التالي تقابلنا عند مقابر العمال.. بُناة الأهرام، إلى الجنوب من «أبوالهول». وأخبرت مستر بيست أن هذا الكشف.. يؤكد أن المصريين هم بناة الأهرامات، وأنها لم تُبنَ بالسُّخرة. وعندما وصلنا إلى الجبانة العليا لمقابر العمال، دخلنا مقبرة أحد الفنانين، التي يوجد بها نص لعنة. وبعد ذلك قمت بالكشف عن هيكل عظمي لأحد العمال، وقلت له: كما ترى، فإن بُناة الأهرامات لم يكونوا عمالقة، أو سكاناً من الفضاء؛ بل مصريون علموا العالم، وهدوا البشرية إلى طريق العلم والحضارة.

أما المغامرة الكبرى – التي لم أكن أتوقع أن أقوم بها – فكانت الدخول إلى الحجرات الخمس.. التي تعلو حجرة الدفن داخل هرم الملك خوفو. عندما كنت أقوم بهذه المغامرة في سن الشباب، كنت دائماً أخاف ألا أعود من هذا المكان.. لخطورة التسلق، ولكن قررت أن أقوم بهذه المغامرة مع مستر بيست.. مهما حدث، لأنني أردت أن أجعله يقرأ معي.. أسماء فرق العمال، التي شاركت في بناء الأهرامات. ووافق المسؤولون عن الآثار.. على دخول خمسة أفراد فقط، وتسلقنا سلماً طوله 7 أمتار، ودخلنا من فتحة لا تزيد على نصف متر. ومن خلال ممر ضيق، صعدنا زحفاً إلى الحجرة الخامسة.. التي توجد بها أسماء فرقة العمال «أصدقاء الملك خوفو». وبعد المغامرة، قام مستر بيست بشكر الحكومة المصرية. ونزلت، ووجهي وملابسي مغطاة بالتراب والعرق، وكل هذا من أجل معشوقتي مصر.

نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة
اترك تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.