اجتمع مسؤولون كبار من الولايات المتحدة والصين في لندن اليوم الاثنين بهدف نزع فتيل توتر تجاري كبير اتسع نطاقه وتجاوز الرسوم الجمركية المتبادلة إلى فرض قيود على المعادن النادرة، مما يهدد بالتأثير على سلاسل التوريد وإبطاء النمو العالمي.
وفي أول يوم من المحادثات التي من المرجح أن تستمر ليومين، اجتمع مسؤولون من الجانبين في لانكستر هاوس في لندن سعيا لإعادة اتفاق مبدئي تم التوصل إليه الشهر الماضي في جنيف إلى مساره الصحيح. وكان هذا الاتفاق قد قاد لخفض التوتر بين واشنطن وبكين.
ومنذ ذلك الحين، تتهم الولايات المتحدة الصين بالتباطؤ في الوفاء بالتزاماتها، لاسيما فيما يتعلق بصادرات المعادن النادرة.
وقال المستشار الاقتصادي الأمريكي كيفن هاسيت اليوم الاثنين إن الفريق الأمريكي يريد توافقا من الصين بشأن المعادن النادرة بعد تحدث الرئيسين دونالد ترامب وشي جين بينغ الأسبوع الماضي.
وقال هاسيت، وهو مدير المجلس الاقتصادي الوطني، في مقابلة أجرتها معه سي.إن.بي.سي “الغرض من اجتماع اليوم هو التأكد من جدية الجانبين، لكن أيضا للحصول على موافقات فعلية”. وأضاف أن التوقعات كانت أنه فور الحصول على الموافقة الرسمية، سيتسنى تخفيف ضوابط التصدير وشحن كميات كبيرة من المعادن النادرة.
تأتي المحادثات في وقت حاسم لكلا الاقتصادين، إذ يتطلع المستثمرون إلى تخفيف حدة أثر سلسلة أوامر ترامب بفرض الرسوم الجمركية منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير كانون الثاني.
وأظهرت بيانات جمارك تراجع قيمة الصادرات الصينية للولايات المتحدة بنسبة 34.5 بالمئة على أساس سنوي في مايو أيار وهو أكبر انخفاض منذ فبراير شباط 2020 وقت جائحة كوفيد-19.
وفي الولايات المتحدة، أثرت الحرب التجارية بشدة على معنويات الشركات والأسر، وانكمش الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول بسبب ارتفاع غير مسبوق في الواردات، إذ كثف الأمريكيون عمليات الشراء للإفلات من الزيادات المرتقبة في الأسعار.
لكن في الوقت الحالي، خفتت حدة التأثير على التضخم، وحافظت سوق العمل على نوع من المتانة، غير أن خبراء اقتصاديين يتوقعون أن تصبح الفجوات أكثر وضوحا خلال الصيف.
ويشارك في المحادثات بلندن وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت ووزير التجارة هوارد لوتنيك والممثل التجاري الأمريكي جيميسون جرير، فيما يرأس وفد الصين نائب رئيس مجلس الدولة خه لي فنغ.
ويشرف المجلس الذي يرأسه لوتنيك على ضوابط التصدير للولايات المتحدة، وانضمامه مؤشر على مدى أهمية المعادن النادرة.
ولم يحضر لوتنيك محادثات جنيف التي توصل فيها البلدان إلى اتفاق مدته 90 يوما لإلغاء بعض الرسوم الجمركية التي تبادلا فرضها.
* محصلة إيجابية
تأتي الجولة الثانية من الاجتماعات بعد أربعة أيام من محادثة هاتفية بين ترامب وشي، وهي أول تواصل مباشر بينهما منذ تنصيب ترامب في 20 يناير كانون الثاني.
وأشار تقرير صادر عن الحكومة الصينية إلى أن شي طلب من ترامب خلال المكالمة التي استمرت لأكثر من ساعة التراجع عن الإجراءات التجارية التي أضرت بالاقتصاد العالمي، وحذره من اتخاذ خطوات تنطوي على تهديدات بشأن تايوان.
لكن ترامب قال عبر منصات التواصل الاجتماعي إن المحادثات التي ركزت بشكل أساسي على التجارة أدت إلى “محصلة إيجابية للغاية”، مما مهد الطريق لاجتماع اليوم في لندن.
وفي اليوم التالي، قال ترامب إن شي وافق على استئناف صادرات المعادن الأرضية النادرة والمغناطيسات إلى الولايات المتحدة. وذكرت رويترز يوم الجمعة أن الصين منحت تراخيص تصدير مؤقتة لموردي المعادن الأرضية النادرة لأكبر ثلاث شركات أمريكية في صناعة السيارات.
وبعد قرار الصين في أبريل نيسان تعليق صادرات مجموعة واسعة من المعادن والمغناطيسات الأساسية، أصابت حالة من الاضطراب سلاسل التوريد الرئيسية العالمية لشركات صناعة السيارات والطائرات وأشباه الموصلات والشركات التي لديها عقود عسكرية.
وقالت كارولاين ليفيت المتحدثة باسم البيت الأبيض لفوكس نيوز إن الولايات المتحدة تريد استفادة الجانبين من التقدم المحرز في جنيف على أمل أن يتمكنا من المضي قدما نحو محادثات تجارية أكثر شمولا.
تسبب الاتفاق الأولي في جنيف في انتعاش بأسواق الأسهم العالمية، وعوضت المؤشرات الأمريكية الجزء الأكبر من خسائرها بعد أن بلغت مستويات متدنية.
لكن إيان بريمر رئيس مجموعة يوراسيا قال إن من الممكن التوصل إلى هدنة مؤقتة لكن الاحتمالات في أن تصبح العلاقات الثنائية بناءة تعد ضئيلة بالنظر إلى التوجهات الأوسع نطاقا لفك الارتباط واستمرار ضغط الولايات المتحدة على الدول الأخرى لاستبعاد الصين من سلاسل التوريد فيها.
وأضاف في مذكرة تحليلية “كل من هم حول ترامب من أصحاب المواقف المتشددة وبالتالي فمن غير المرجح تحقيق انفراجة فيما يتعلق باتفاق تجاري أمريكي صيني خاصة في سياق العمل على اتفاقات أخرى لها أولوية”.