Times of Egypt

«ماكينات» الفكر

Mohamed Bosila
أمينة خيري  

أمينة خيري..


حدث العام بلا منازع – والعام المقبل 2025 – هو سوريا.
ظن كثيرون أن حدث العام الحالي والماضي والمقبل.. هو فلسطين، فإذا به يصبح سوريا.
تخلد إلى النوم، وأنت تظن أن الغرب والشرق وشعوبهما.. يعتبرون جماعة ما إرهابية، أو خارجة على القانون. تستيقظ لتجد الجماعة.. وقد أصبحت شريكاً، يحج إليه قادة، ويخطب وده ساسة.
من كان يتصور أن تختفي غزة وأخبارها من الأثير والتفكير والتنديد؟ أين ذهبت مظاهرات المطالبة بمحاسبة «مجرمي الحرب»؟ وكيف تبخرت عدادات القتلى والمصابين والمستشفيات.. التي خرجت من الخدمة، ومدارس الإيواء.. التى يتم قصفها؟
إنه حال الدنيا، وما دائم إلا وجه الله، فسبحان من له الدوام. لكن ما يلفت النظر.. في كل تلك الأحداث الرهيبة، والتحولات الجسام، والتقلبات الأقرب ما تكون إلى الخيال.. أن «ماكينات» صناعة الكراهية، وبث الفتنة ونثر الاضطراب.. وحدها الباقية على موقفها، المحافظة على وجهتها.
الأحداث الجسام التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط.. منذ أكتوبر 2023، تقلب موازين، وتعصف بكيانات.. وتؤسس أخرى، وتعري أيديولوجيات، وتكشف وجوهًا قبيحة. وفي وسط كل ذلك، تنشط «الماكينات» صارخة: وأين مصر؟، وأين المصريون؟
لا يشغلني في كل ذلك.. إلا وعي المصريين – أنفسهم – بما يجري، وبـ«الماكينات». أخشى أن تدفع الأوضاع الاقتصادية الصعبة بالبعض.. إلى الارتماء تحت أقدام إبليس، أو البحث عن أحضان الوهم «الدافئة»!
أشعر بالقلق، حين يُترَك الوعي.. إما للصدفة يُشكِّلُ نفسه بنفسه، أو لقمة سائغة لبياعي كلام، أو مثيري فتنة، أو موزعي مسكنات.
الوعي – أي الفهم والإدراك – يحتاج حرية تعبير، وعدالة، وتعليم، وخدمات، ومشاركة سياسية، ومواطنة قائمة على الانتماء للوطن.
… الوعي يحتاج ثقافة، وفناً، ورياضة، وأخلاقاً، ودولة مدنية.. تعتنق سيادة القانون؛ لا العرف، أو العادات، أو الموروثات، أو المشاعر.
وعلى سيرة المشاعر، لو كنت من المسؤولين عن الثقافة والتعليم والفن، لشعرت بالغيرة من المؤسسات الدينية؛بناء وافتتاح المئات من دور العبادة، ملايين الفتاوى، ومئات المواقع الإلكترونية، وعشرات البرامج الدينية.. ترد، وتناقش، وتملي.. قواعد كل الموضوعات؛ من الإبرة للصاروخ؛دين، وطب، وهندسة، وذكاء اصطناعي، وتكنولوجيا، وأكل، وعلاقات أسرية.. والقائمة لا نهاية لها.
لو كنت من القائمين على أمر الثقافة والتعليم والفن، لانضممت إلى هذا الركب.. في محاولة للوصول لأوصال وشرايين الشارع المصري.
حدثان استوقفاني الأسبوع الماضي، يبدو أنهما منفصلان، لكنهما في حقيقة الأمر مرتبطان.
الأول:عودة الحديث عن «نية» إزالة المسرح العائم.. هذا البنيان الذي يمثل جزءاً من تاريخ ووعي مصر ومكانتها الثقافية والفنية والفكرية. وزير الثقافة الدكتور أحمد هنو قال: «لا يوجد إزالة للمسرح حتى الآن»!
وللعلم، كان هذا المسرح – في عهد وزير الثقافة والإرشاد القومي في الخمسينيات والستينيات الدكتور ثروت عكاشة – عوامة متحركة.. تنقل الفن، والتمثيل، والإبداع.. إلى محافظات مصر المطلة على النيل؛ وذلك في زمن.. ما قبل تحريم الفن، وتجريم الفنانين، وشيطنة الثقافة بوجه عام.
والثاني: عودة الكتاتيب في أرجاء مصر.
نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة
اترك تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.