Times of Egypt

كان عاماً كغيره 

Mohamed Bosila
أمينة خيري  

أمينة خيري 

 
لملمت 2024 ما تبقى من متعلقاتها، ورحلت.  

يقول البعض إنها رحلت.. غير مأسوف عليها، أو إنها كانت من أصعب السنوات وأثقلها. ويضع آخرون أياديهم على قلوبهم – وربما جيوبهم – متحسسين ما ستأتي به 2025 من ضربات  

توجع قلوبهم وتدمي جيوبهم.. أكثر مما فعلت 2024. ويتخيل آخرون أنفسهم يمشون على أطراف أصابعهم، ويغلقون باب 2024.. بهدوء شديد، ويفتحون باب 2025، لعلهم يتقون شرورها ويعيشونها بأقل أضرار ممكنة. 

عن نفسي، تعلمت الدرس. لم أعد أقول: «لقد كان عاماً مليئاً بالصدمات»، أو «بالمصاعب»، أو «بالكوارث»، أو «بالمشكلات». أكتفى بالقول والشعور بأن عاما نعتبره صعباً مضى، وسبب الاعتبار هنا.. أنه ثبت بالحجة والبرهان، أن بقاءنا على قيد الحياة، ينفي القول بأنه كان العام الأصعب أو الأقسى أو الأبشع، أو حتى الأسهل أو الأحن أو الأجمل، وذلك لأن احتمالات قدوم ما هو أسوأ أو أفضل.. تظل قائمة. 

كان عاما صعباً؟ بكل تأكيد! لكنه كان من أكثر الأعوام التي عشناها كشفاً لحقائق، وتعرية لمظاهر وأكاذيب. كما كان من أكثر الأعوام تبياناً لقدرات البشر.. على نفي الحقائق، وإنكار الأخبار، وتطويع الواقع وتمويه الأحداث.  

أتحدث عن اختيارات البشر، لا تعرضهم لأخبار كاذبة أو مفبركة أو أنصاف حقائق. 

شخصياً، أرى حدثين بارزين في عام 2024 أعتبرهما كاشفين لما يجري حولنا، وسببين رئيسيين لما نحن فيه.. من فوضى معيشية، وعشوائية فكرية، وضياع بوصلة الحياة. 

الحياة ليست مجرد شهادة مدرسية، وزواج، وإنجاب، وعمل يدر دخلاً. الحياة وجودتها تقاس أيضاً بأثرها. حين ينظر كل منا خلفه ويقيّم ما فعل، وحين ينظر كل شعب خلفه ويقيس إنجازه، ماذا يرى؟ 

الإجابات كثيرة، ومتروكة لتقييمات عدة. لكن ما هو الأثر الذي يتركه كل منا خارج باب بيته؟ وما الأثر الذي يسجله التاريخ باسم شعب ما؟ هل هو عدد العيال؟ عدد العمارات؟ حسابات البنوك؟ القدرة على التغلب على الفقر بالدعاء؟ الانتقال من شقة في الظاهر إلى فيلا في التجمع؟ تليفزيون 72 بوصة بدلاً من 32 بوصة؟ بناء عدد غير مسبوق من دور العبادة؟ إعادة الكتاتيب؟ نشر ثقافة الموت والعذاب، والثعبان الأقرع وضمة القبر وصراخ العصاة؟ أم الوصول إلى كشف جيني، أو علاج للسرطان، أو تطبيق للمكفوفين، أو تنبؤات الصحة التحليلية باستخدام الذكاء الاصطناعي، أو تنقية الماء في المناطق النائية بدولار واحد، أو جهاز تهدئة الرعشات للمرضى الذين تنقبض عضلاتهم لا إرادياً… إلخ؟. 

أدعو المهتمين للاطلاع على قائمة مجلة «تايم» لأبرز ابتكارات عام 2024، وبقدر كراهيتي للمقارنة، لكن فلنقارن بين ما يشغلنا ويستغرق وقتنا وجهدنا ومالنا، وما يشغل آخرين ووقتهم وجهدهم ومالهم. 

الحدث الثاني – الذي أعتبره الأهم في 2024 – هو ما يجري في سوريا. مضى عام صعب.. شأنه شأن غيره. ونستقبل عاماً، ونتمنى للجميع الاحتفاظ.. بأكبر قدر ممكن من رجاحة العقل، ووضوح الرؤية، والقدرة على التفرقة بين الواقع والخيال. 

نقلاً عن «المصري اليوم« 

شارك هذه المقالة
اترك تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.