أمينة خيري
أستأذن في استكمال مقالات التطرف.. بعد مقال العيد، وأكتب اليوم عن رمضان – الذي انتهى في غمضة عين – والعيد الذي يباغتنا فجأة. ينتهي رمضان كعادته بسرعة. ورغم مخاوف آثار انعدام الكافيين نهاراً، والوقوع والوخم مساءً، وصعوبة تقسيم الوقت بين العمل والراحة، والعبادة ومطاردة المسلسلات، وربما محاولة تفاديها. إلا أنه كعادته.. ينتهي بسرعة، وكأنه ومضة.
ومضات رمضان كثيرة، وتختلف في كل عام. تتلون الومضات بالأحداث والحوادث. تتأثر بالعوامل والأحوال المجتمعية، وأغلبها يكون مرآة لما يجري حولنا وبيننا.
حين يمر رمضان هادئاً.. دون أحداث سياسية جسام، أو تقلبات اجتماعية هادرة، تجده منصباً على الروحانيات مع المسلسلات. وحين تجتاحه السياسة.. رغماً عنه، وتهزه حوادث المجتمع.. دون اعتبار لطبيعته، تجده رمضاناً صاخباً – ولو نفسياً – ومشتت الانتباه، ولو بدا غير ذلك.
هذا العام، رمضان مفعم بالسياسة والأحداث الجسام إقليمياً. منطقتنا تهتز حرفياً.. تحت وطأة ارتدادات عملية السابع من أكتوبر 2023. أسمع من يتساءل مستنكراً: وهل «طوفان الأقصى» هو ما قلب حال المنطقة وقلب موازينها وهدد الجميع بآثارها؟
أقول: الاحتلال هو الأصل، ولكن ليس هكذا تدار الأمور وتحاك الخطط ويُتخذ من «شمشون الجبار» نموذجاً يُحتذى، و«عليَّ وعلى المنطقة وعلى أعدائي»، وعلى الجميع – معترضاً أو مؤيداً – ضرب رأسه في أقرب حائط.
عموماً، مناقشة السابع من أكتوبر.. ليس هذا وقتها أو مجالها. غاية القول، إن رمضان هذا العام، فوق البركان.. حرفياً.
وضمن مكونات البركان، سوريا وأحداثها، والإدارة الجديدة، وأحداث الساحل، وآمال البعض عقب نجاح «هيئة تحرير الشام» – إحدى الفصائل الجهادية السلفية الضالعة في الحرب الأهلية السورية – في إسقاط نظام بشار الأسد، وتحولها إلى «الإدارة الجديدة».. التي ستبني سوريا الجديدة على أسس التعددية والديمقراطية… إلخ. وهي الآمال التي يقول البعض إنها تبعثرت، أو تتبعثر، أو ستتبعثر.. لأسباب عدة؛ يقولون إنها واضحة وضوح الشمس.
هذا أيضاً ليس مجالاً لمناقشتها أو تفنيدها. غاية القول إن سوريا ألقت بظلالها على رمضان.
وعلى الرغم من هذه الظلال.. الوخيمة الثقيلة، إلا إننا تمكنا من الإغراق في الدراما – حلوها ومرها – والإفراط في «البيستاشيو».. الذي اجتاح الزمان والمكان، دون سبب واضح أو هدف منطقي، والغوص في أغوار السوشيال ميديا.. حاكمين ومحكومين، وقضاة وجلادين، وأحياناً «عشماويين».. أي منفذين لأحكام الإعدام الصادرة على الأثير.
ولا ننسى في هذا الإغراق.. تجاهلنا، أو تغاضينا، وربما تطبيعنا.. مع برامج المسابقات القائمة على قبح المن، وعورة التسول، والمهانة عبر وجوه ضاحكة، أو باكية فرحاً. بينما أوراق الـ 200 جنيه، يتم إغراقها بها.. أمام الكاميرات.
على أي حال، ينتهي رمضان، ويحين وقت العيد؛ الذي ما زال يعاني شد الحسابات الفلكية العلمية المحسوبة بالثانية، وجذب رؤية الهلال بالعين المجردة، وفرحة أكبر تليسكوب في الشرق الأوسط.. في مرصد حلوان. وتتعلق القلوب حتى آخر لحظة.. يتحقق فيها التأكيد على موعد فرحة العيد، ومع ذلك.. عيد سعيد للجميع.
نقلاً عن «المصري اليوم»