Times of Egypt

سوريا والفصائل الإرهابية وصفقة القرن

Mohamed Bosila
عادل نعمان  

عادل نعمان

هكذا يتم تعديل حدود معاهدة «سايكس بيكو» – كما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي – وذلك قبل أيام من تنصيب ترامب للرئاسة، ودخوله البيت الأبيض في العشرين من يناير القادم.
كل الأطراف تغمد سيوفها وتلملم أسلحتها، فلا حروب بعد هذا التاريخ، وعلى الأنصار والحلفاء تعديل وتثبيت أوضاعهم، واحتلال ما تطوله أيديهم.. بما يضمن أمنهم وسلامة مواطنيهم، وأن تكون أراضي الخصوم والمناوئين تحت سيطرتهم، وفي مرمى نيرانهم.
سيصبح التاسع عشر من يناير.. هو التاريخ المعتمد لتثبيت هذه الحدود، وتوثيق واعتماد أركانها، ونشر القرار رسمياً، ويُعمل به من تاريخه، ويبقى الوضع على ما هو عليه لقرون قادمة، وعلى المتضرر اللجوء للقضاء والمحاكم الدولية؛ فلا حلت ولا ربطت، ولا فكت ولا عقدت. وكانت بين كل ذلك.. كالحي الميت.
… هل هذه هي صفقة القرن التي نسمع عنها، ولم نقرأ لها سطراً واحداً؟ وهل تمخضت كل هذه الدول وولدت هذا الغول؟!
إياك أن تفصل ‏بين السابع من أكتوبر وسقوط غزة، وبين العاشر من ديسمبر وسقوط سوريا. وبينهما انهيار حزب الله.. صفحتان متقابلتان في كتاب التاريخ الجائر الظالم؛ احتلال غزة، وتدمير البنية التحتية، وتصفية جسدية.. لمعظم القيادات السياسية والعسكرية والعلمية، وعزلها تماماً عن العالم، وتقسيمها إلى.. شمال القطاع معزولاً عن جنوبه.. حتى أصبح الحلم الفلسطيني يتوق إلى العودة إلى ما قبل «طوفان الأقصى».
خلع حزب الله، وعزله عن الجنوب اللبناني، وترحيله إلى جنوب نهر الليطاني، وفقدان أهم مقومات وجوده، وانتفاء صفة المقاومة عنه تماماً.. بعد تصفية قياداته، وتدمير بنيته التحتية.
استيلاء قوات سوريا الديمقراطية – الموالية لأمريكا – على الممر البري الرئيسي «الكوريدور»..الذي يربط بين بغداد وبيروت، وسيطرة هذه القوات على الممر داخل سوريا – من مدينة البوكمال مروراً بمدينة تدمر، ثم مدينة القصير – وفقدت إيران ممراً استراتيجياً.. يربط إيران ببيروت، بالعربي الفصيح شل اليد الإيرانية في المنطقة!
تعالَ معي لترى ماذا فعلت إسرائيل بسوريا. ليس صدفة، وليس تحت عنوان الثورة أو النزاهة، بل أكاد أجزم أنها تحت عناوين عريضة.. من التواطؤ والمكيدة والمؤامرة، والتجاهل والصمت؛ أطراف من هنا وهناك، قريبة من العين وبعيدة عنها.. كل طرف أدّى دوره ببراعة، وأجاب إجابته المطلوبة، وربما لا يعرف أي طرف إجابة الطرف الآخر، وكأن مراقب الامتحان عند مروره كان حريصاً كل الحرص «كل واحد يبص في ورقته».. فلا أتصور أن تتجاهل إسرائيل المجتمع الدولي، وتغزو مناطق في سوريا في غضون ساعات محددة. ولا أتصور أيضًا أن تتغافل هذه التنظيمات الجهادية، وتغض الطرف عن هذا الغزو – الذي يتم تحت سمعها وبصرها – بهذه الإهانة والمهانة، إلا إذا عرفنا وسمعنا ما قاله رئيس المخابرات الإسرائيلية..(نحن في إسرائيل لم نكتفِ بتدريب هيئة تحرير الشام فقط، بل كنا ندفع رواتبهم أيضاً!).
‏ثم ماذا فعلت إسرائيل بسوريا في ساعات؟!.. إسرائيل تعلن إلغاء اتفاقية فض الاشتباك مع سوريا عام 1974، وترتيب فصل القوات، وتزيح الحواجز الفاصلة، وتحتل كامل الجولان، واستولت على المنطقة العازلة.. بعمق ثمانية عشر كيلومتراً، احتلال جبل الشيخ – أعلى نقطة حصينة في سوريا – ومنه تكون دمشق في مرمى نيران المدفعية،(وصول حاخامات إسرائيليين.. يصلون ويقيمون شعائرهم الدينية في جبل الشيخ). إسرائيل الآن على بعد حوالي خمسين كيلومتراً من العاصمة دمشق.
تدمير القوات البحرية السورية.. تدميراً كاملاً؛ أكثر من أربعمائة طلعة جوية.. لسلاح الطيران الإسرائيلي، تقصف وتدمر مخازن السلاح وأسلحة الجيش، ومدرعاته، وسلاح الطيران، ومواقع مخابراتية.
… الأخطر، هو وضع نهاية مؤسفة للجيش السوري، كما حدث في العراق.. حتى بدون قرار حال.
‏والآن جاء دور مبعوث الأمم المتحدة..الذي أعلن أن «هيئة تحرير الشام والمدرجة فصيلاً إرهابياً لدى المنظمات الدولية.. بقرار من الأمم المتحدة، ربما برسائلها المطمئنة للشعب السوري.. نعيد النظر في هذا القرار».. يا سيدي المبعوث، هذه مكافأة حُسن الأداء، ودقة التنفيذ.
أما روسيا، فقد خرجت من المولد «بحمص»،وأبقت على قاعدتين لها في سوريا؛ قاعدة طرطوس البحرية، وقاعدة حميميم الجوية. وتم هذا الاتفاق بين روسيا.. وهيئة تحرير الشام من ناحية، وبين روسيا.. و إسرائيل من ناحية أخرى.
أما تركيا، فقد أمَّنت حدودها تماماً مع سوريا في الشمال.. بعد سيطرة قوات الجيش السوري الوطني الموالي لتركيا عليها.
ثم نتساءل: أين سوريا الآن؟
موزعة بين إسرائيل وروسيا والجيش السوري، وقوات سوريا الديمقراطية وهيئة تحرير الشام، وميليشيات كردية والقليل لإيران.
هذا هو النصر السوري، وهذه هي الثورة السورية.. التي أسقطت حكم بشار الديكتاتور، وأسقطت سوريا في أيدي كل الغزاة.
وأهمس في أذن الثوار: هل جاءكم نبأ الوطن الجديد للغزاوية وإغلاق ملف صفقة القرن؟!.. البقية تأتي.
(الدولة المدنية هي الحل)
نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة
اترك تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.