Times of Egypt

سلاح الصحفيين الغائب! 

Mohamed Bosila
عبدالله عبدالسلام 

عبدالله عبدالسلام  

تواجه الصحافة العربية – والمصرية تحديداً – أزمات متشابكة؛ من مهنية إلى اقتصادية وتكنولوجية، إلى تراجع المصداقية، وتدني العلاقة مع القارئ.. والمتلقي عموماً.  

لكن أخطر الأزمات – في اعتقادي – هي تزعزع ثقة الصحفي بنفسه، ومدى قدرته على الاستمرار في مهنة.. تحمل له كل يوم أخباراً عن إغلاق صحف، أو تحولها من ورقي إلى إلكتروني.  

في عصر الذكاء الاصطناعي، تواجه مهن كثيرة مخاوف جدية من المستقبل، لكن الصحافة – كما عرفها العرب خلال المئتي عام الأخيرة – تتعرض لتحديات وجودية.  

في هذه الظروف غير السارة، من المهم الثقة بالنفس. إذا ساد اليأس، فإن ما نعمل على تأخير حدوثه.. لأطول مدة ممكنة (نهاية الصحافة الورقية)، قد يقع في سنوات قليلة. 

أحد مقومات الثقة، الافتخار ليس فقط بالماضي المجيد للصحافة، ولكن بحاضرها أيضاً.  

نعم.. هناك واقع صعب، يتمثل في تراجع هامش الحريات، وتدني الكفاءات، وانصراف القارئ، إلا أن هناك أيضاً.. نماذج مضيئة، تحاول إضاءة شمعة، ولا تيأس.. رغم أن الظلام قد يقضي عليها وعلى حلمها. 

 الاثنين الماضي، أحيا لبنان الذكرى الـ 20 لاغتيال الصحفي والمفكر سمير قصير، الذي دفع ثمن جرأته، ودفاعه عن سيادة لبنان.. بأن تلقَّى رصاصات غادرة، لم يتم الكشف حتى الآن عن المسؤول عنها. لجنة إحياء الذكرى.. قالت إنه رغم واقعنا، لا يزال لدينا الحق والقوة، في أن نحلم بصحافة مختلفة. 

«قصير» ليس وحده، صحفيون عرب كثيرون قدموا أرواحهم.. دفاعاً عن مهنتهم ومبادئهم. عدد الشهداء الفلسطينيين من الصحفيين والصحفيات – في العدوان الوحشي الإسرائيلي على غزة – يقترب من 230. كل شهيد وشهيدة.. له قصة تستحق التسجيل والافتخار. هناك صحفيون آخرون لم يكتفِ الاحتلال بكتم أصواتهم، بل قضى على أسرهم أيضاً. وائل الدحدوح فقد معظم عائلته، لأن إسرائيل أرادت الانتقام من صحفي.. حاول كشف الحقيقة.  

قبل ذلك، حصدت رصاصات إسرائيلية غادرة.. روح الصحفية والإعلامية شيرين أبو عاقلة، أثناء تغطيتها غارة عسكرية شمال الضفة الغربية في 11 مايو 2022. استُشهِدت وهي تبحث عن الحقيقة، مرتدية شارة الصحافة وخوذتها. 

النماذج المضيئة ليست شهداء فحسب. هناك جيل جديد من المراسلين الميدانيين.. عمَّق عدوان غزة خبراتهم ومواهبهم، وجعلهم يضارعون أفضل المراسلين العالميين. هناك أيضاً مراسلات صحفيات.. تواجدن في أماكن القتال، بعد أن كان الإعلام العربي ينظر للنساء.. على أنهن مذيعات في الاستوديو، أصبحن في قلب الحدث، وحطمن الصورة النمطية عنهن.  

لدينا أيضاً صحفيون شباب عرب – والمصريون في مقدمتهم – يفوزون بجوائز دولية مرموقة.. عن أعمال لا تجد فرصة للنشر في صحف ووسائل إعلام محلية. هؤلاء الشباب أخذوا أنفسهم بالشدة والجدية، وتسلحوا بأفضل ما وفرته لهم التكنولوجيا الحديثة، وفنون الصحافة المتقدمة. وللأسف، بعضهم لا يجد مكاناً للعمل في إعلام بلاده. في خضمِّ عدم الرضا عن الحاضر، والقلق – بل الخوف – من المستقبل، من الضروري الإيمان بأن الصحافة مهنة مستقبل، كما كان لها تاريخ.  

الأهم، أنها بها كوادر.. لو أتيحت لها الفرصة، فإنها تستطيع أن تشتبك بقوة مع التحديات التي تواجه الوطن، وأن تشق طريقاً أفضل للغد. 

نقلاً عن «المصري اليوم« 

شارك هذه المقالة
اترك تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *