أمينة خيري
ومن التعليم في بريطانيا – الذي هو حق لكل الأطفال دون استثناء – إلى السكن الذي هو حق.. ومليء بالواجبات والقواعد والقيود والقوانين أيضاً.
بدءاً من شراء شقة أو بيت، مروراً بتأجير شقة أو بيت، انتهاء بتأجير غرفة في بيت.. يعيش فيه آخرون، هناك قوائم من الحقوق والواجبات على كل من المالك والمستأجر، ورقابة مستمرة، وقوانين منظمة، وقواعد محددة.
بالطبع تحدث خروقات، ويتحايل البعض على القوانين.. لتعظيم الفائدة أو الربح، ولكن في حال الإبلاغ بالمخالفة أو الخطأ، فإن القانون غالباً يأخذ مجراه، دون محاباة لهذا أو جور على حق ذاك.
قطاع «السكن والخدمات المحلية».. عامر بالعبر والدروس. الأمر لا يتعلق بالفقر وضيق ذات اليد والجهل، بقدر ما يتعلق بإشهار القوانين والقواعد، والإعلام بالحقوق والواجبات، وتطبيقها فعلاً لا قولاً.
مساكن المجالس المحلية، وهي أقرب ما تكون إلى السكن الاقتصادي أو الشعبي. وعادة تكون مجموعات من العمارات المتلاصقة، وأولوية السكن فيها لأصحاب الإعاقات، والحالات الخاصة، والذين يعانون الازدحام الشديد مع الفقر في أماكن سكنهم الأصلية، وفئات بعينها من اللاجئين، تصدر لهم قرارات خاصة لأولوية السكن؛ مثل القادمين من أوكرانيا وأفغانستان.. عبر برامج محددة مثل إعادة التوطين، ومن قبلهم السوريون… إلخ.
هذا النوع من السكن.. يخضع لقواعد من حيث الصيانة والتنظيم وغيرها، ورغم ارتفاع معدلات الجرائم في بعض هذه التجمعات السكنية، إلا أن ذلك لا يعني خروجها من رقابة الدولة، وقبضة القوانين المنظمة، فأن تقيم في شقة تابعة للمجالس المحلية.. لا يعني أن تحولها إلى محل بقالة لأنك فقير، أو يعطيك الحق للاستيلاء على الرصيف المقابل.. لعمل نصبة شاي أو كشك سجائر أو غيرها. كما أن هذه العمارات لها برامج واضحة ومعلنة.. للنظافة وجمع القمامة وغيرها، ولا تُترك سداحاً مداحاً.
كذلك الحال في شراء وتأجير الشقق والبيوت، فلم يحدث من قبل أن قرر أحدهم أن يبني عمارة فى حي شعبي، أو على ضفاف نهر التايمز.. مثلاً بدون أوراق رسمية، ثم يتم التصالح مع عمدة لندن مثلاً.
القواعد واضحة، والنصوص بائنة.. بدءاً من حقوق المشتري والمالك، مروراً بواجباتهما، انتهاء بأماكن انتظار سيارات السكان، وتأجير الجراجات، وتركيب وصلات الإنترنت والهواتف، وقواعد الإصلاح والترميم ومواعيدها، وتربية الحيوانات الأليفة، والأصوات المرتفعة المحددة بـ«الدسيبل» (وحدة قياس الصوت). وفي حال زادت على حد معين، يتم تحرير المحاضر، ومصادرة الأجهزة التى تُصدر هذه الأصوات، حتى لو كانت أصوات تراتيل أو محتوى ديني، أو وعظة أو خطبة. ولا يجرؤ أحد على اتهام الجهات المسؤولة.. التي توقع العقوبات، أو الجيران.. الذين يشكون الصوت العالي.. بالكفر مثلاً، أو معاداة الدين والمتدينين، لأنهم لا يريدون أن يسمعوا الترتيل أو العظة.
غاية القول، أن السكن حق.. ومع الحق تأتي قواعد منظومة وقوانين صارمة، وهو ما يجعل شوارع وحارات وأزقة المدن والقرى وأرصفتها.. مسرة للعين، لا مصدراً للكآبة والكرب والابتئاس.
نقلاً عن «المصري اليوم»