أثارت محاولات الرئيس الكوري الجنوبي، يون سوك يول، فرض الأحكام العرفية في البلاد حالة من الجدل والقلق على الصعيدين السياسي والقانوني. فقد أعلنت الشرطة الكورية الجنوبية، يوم الخميس، عن بدء تحقيق عاجل مع الرئيس بتهمة “التمرد”، عقب قراره المفاجئ بفرض الأحكام العرفية لفترة قصيرة، قبل أن يتدخل البرلمان ويُلغي القرار بعد ست ساعات من تطبيقه. هذا التحرك فجر موجة من الاحتجاجات السياسية والشعبية، ما دفع المعارضة إلى تقديم مشروع قانون لعزل الرئيس يون.
تفاصيل قرار فرض الأحكام العرفية
في مساء يوم الثلاثاء، قرر الرئيس يون سوك يول فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية، ما أدى إلى حالة من الارتباك والذعر بين المواطنين. هذا القرار الذي استمر لمدة ست ساعات فقط، قبل أن يرفع تحت ضغط البرلمان، أثار تساؤلات حول نوايا الرئيس ومدى احترامه للدستور. على الفور، تم طرح مشروع قانون من قبل أحزاب المعارضة في الجمعية الوطنية (البرلمان) للمطالبة بعزل الرئيس بسبب ما اعتبروه “انتهاكًا خطيرًا للدستور والقوانين المتعلقة بمبادئ الديمقراطية وفصل السلطات”.
التحقيق مع الرئيس واتهاماته بالتمرد
في جلسة أمام مجلس النواب، أعلن رئيس دائرة التحقيقات في الشرطة الوطنية، وو كونغ-سو، أن التحقيقات مع الرئيس يون قد بدأت رسميًا بتهمة “التمرد”. وكان هذا القرار المفاجئ قد أحدث فوضى سياسية عارمة، حيث أطلق نواب المعارضة تصريحات حادة ضد الرئيس، معتبرين أن هذه الخطوة تهدد حرية التعبير والسيطرة على الإعلام. كما أعلن الحزب الديمقراطي، أكبر أحزاب المعارضة، عن تقديم اقتراح لعزل الرئيس، مطالبًا بتصويت عاجل في البرلمان على هذا الاقتراح.
فرص المعارضة في النجاح
يستعد البرلمان الكوري الجنوبي للتصويت يوم السبت المقبل على اقتراح عزل الرئيس يون سوك يول. هذا الاقتراح يتطلب موافقة ثلثي أعضاء البرلمان، أي حوالي 200 صوت من أصل 300. رغم سيطرة المعارضة على أغلب المقاعد في البرلمان، إلا أنهم يحتاجون إلى دعم من 8 نواب على الأقل من حزب “قوة الشعب” الحاكم لتحقيق أغلبية الثلثين.
وفي هذا السياق، رفض الحزب الحاكم، برئاسة الرئيس يون، اقتراح العزل بشدة، حيث أعلن رئيس الكتلة النيابية للحزب، تشو كيونغ-هو، أن جميع أعضاء الحزب سيتخذون موقفًا موحدًا ضد مشروع القانون، مؤكدًا أن الحزب سيعمل على منع تمرير هذا الاقتراح بأي شكل من الأشكال.
استقالة وزير الدفاع
من بين التطورات الأخرى التي تزامنت مع الأزمة السياسية، قدم وزير الدفاع الكوري الجنوبي، كيم يونغ هيون، استقالته بعد إعلان الرئيس فرض الأحكام العرفية. وفي بيان صادر عن ديوان الرئاسة، تم قبول استقالة الوزير وتعيين السفير الكوري الجنوبي في السعودية، تشوي بيونغ هيوك، خلفًا له. هذه الخطوة تأتي في إطار تعديل حكومي في أعقاب الفوضى السياسية الناجمة عن قرارات الرئيس.
احتجاجات ومساعٍ لعزل الرئيس
موجة من الاحتجاجات الشعبية شهدتها شوارع سيول، حيث نظم أنصار المعارضة وقفات احتجاجية بالشموع مطالبين باستقالة الرئيس يون. في الوقت ذاته، واصل نواب المعارضة الضغط على البرلمان لعزل الرئيس. ويرى العديد منهم أن إعلان الأحكام العرفية يمثل تجاوزًا لصلاحيات الرئيس وتهديدًا مباشرًا للنظام الديمقراطي في كوريا الجنوبية.
المستقبل السياسي للرئيس يون
في حال إقرار مشروع قانون العزل، سيكون الرئيس يون سوك يول ثاني رئيس كوري جنوبي يتعرض لهذه الإجراءات بعد الرئيسة السابقة باك كون هاي، التي تم عزلها في عام 2017 عقب فضيحة فساد. وفي حال تمرير الاقتراح، سيؤدي إلى تعليق صلاحيات الرئيس بشكل فوري، على أن يتم تحديد ما إذا كانت المحكمة الدستورية ستؤيد القرار أو لا في عملية قد تستغرق نحو 180 يومًا.
مع تصاعد الأزمة، أصبح مصير الرئيس الكوري الجنوبي في مهب الريح، وسط محاولات متواصلة من المعارضة للضغط على السلطة السياسية من أجل إنهاء فترة حكمه. بينما تبقى الساحة السياسية في كوريا الجنوبية مشتعلة، يتابع الجميع عن كثب تطورات التحقيقات والاقتراحات السياسية التي قد تغير شكل النظام الحاكم في البلاد.