Times of Egypt

ترامب ليس واثقاً !

Mohamed Bosila
عبدالقادر شهيب 

عبد القادر شهيب

مثير للدهشة، أن يثير ترامب الشكوك حول تنفيذ اتفاق غزة.. بعد مرحلته الأولى، حينما قال – رداً على سؤال صحفي، في يوم تنصيبه – إنه ليس واثقاً من استمرار تنفيذ الاتفاق.. في مرحلته الثانية، ومرحلته الثالثة.  

فهذا الاتفاق تبناه ترامب، وقال إنه لم يكن يتم التوصل إليه.. لولا فوزه بالانتخابات الرئاسية، فكيف يتبنى رئيس الولايات المتحدة اتفاقاً.. اعتبره – قبل أيام – إنجازاً له، ويشك في استمرار تنفيذه؟!

لقد سبق أن هدد ترامب منطقتنا بالجحيم مرتين، إذا لم يتم التوصل إلى هذا الاتفاق، وأرسل مبعوثه الخاص للشرق الأوسط إلى الدوحة.. للمشاركة في المفاوضات الأخيرة، التي سبقت التوصل إلى الاتفاق. فكيف يتخلى – بهذه السهولة – عن تنفيذ اتفاق.. ساهم هو شخصياً في التوصل إليه، وينفض يده من الالتزام بتنفيذه.. بكل مراحله الثلاث، ويقول إن حرب غزة ليست حربنا وإنما هي حربهم؟!

… أليس هذا أمراً يدعو للدهشة؟!

والأكثر إثارة للدهشة، أن ترامب قال ذلك، وأثار الشكوك حول تنفيذ الاتفاق في مراحله التالية، بعد أن وقع عدداً من المراسيم الرئاسية؛ منها مرسوم إلغاء عقوبات فرضها بايدن على عدد من المستوطنين الإسرائيليين، وكأنه يدعم إسرائيل مبكراً.. عندما تستأنف الحرب بعد انتهاء هدنة الأسابيع الستة (عمر المرحلة الأولى)، خاصة أن السفير الإسرائيلي في واشنطن.. قال – ليلة تنصيب  ترامب – إن الرئيس الأمريكي الجديد، يعتزم أيضاً إلغاء الحظر الأمريكي.. المفروض من قبَل إدارة بايدن، على مد إسرائيل بالقنابل الثقيلة.. التي تزيد زنتها عن ألفي رطل!

فهل إذن.. غيّر ترامب موقفه من اتفاق غزة.. سريعاً بعد تنصيبه، وتوليه رسمياً مهام منصبه؟!.. أم أن هذا كان موقفه من الاتفاق، ولم يجاهر به من قبل.. أي أنه رحّب باتفاق يشك في تنفيذه بالكامل؟!

هناك محللون.. يرون أن إعلان ترامب شكوكه في الاتفاق – على هذا النحو المثير للتساؤل – يأتي في إطار ممارسة الضغوط على حماس؛ حتى لا تخرق الاتفاق، وتواصل الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين في غزة، خاصة بعد الطريقة التي أفرجت بها عن أول ثلاثة من المحتجزات.. في جو احتفالى استعراضي، شاركت فيه عناصر مسلحة من حماس.. في قلب مدينة غزة، وعلى بُعد مسافة قليلة من تمركز قوات الاحتلال الإسرائيلي.

لكن من يريد التوقف عن تنفيذ الاتفاق – بعد انتهاء مرحلته الأولى – هي إسرائيل، وليست حماس.. التي يهمها جداً استمرار تنفيذ الاتفاق.. في مرحلتيه الثانية والثالثة؛ اللتين تضمان انسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع كله، والشروع في تعميره مجدداً.. بعد الدمار الواسع الذي لحق به، لاستعادة مقومات الحياة فيه.. لأهله. 

وهكذا لا تصلح حكاية الضغط على حماس، لتفسير إعلان ترامب شكوكه.. في إتمام اتفاق غزة. ويتعين البحث عن أسباب أخرى.. لهذا الموقف المفاجئ لترامب من الاتفاق. ومن بين تلك الأسباب.. أن ترامب استجاب لإلحاح نتانياهو، بالتوقف عن تنفيذ الاتفاق.. مع انتهاء مرحلته الأولى، واستئناف الحرب بعدها مجدداً.. لإنقاذ حكومته من الانهيار، الذي يهدده به وزير ماليته.. إذا تجاوز تنفيذ الاتفاق مرحلته الأولى! 

أما من يستبعدون تغيُّر موقف ترامب من الاتفاق – على هذا النحو – فعليهم أن يتابعوا تغير موقفه من إنهاء حرب أوكرانيا. لقد ظل يكرر طوال حملته الانتخابية.. أنه قادر على إنهاء هذه الحرب في ساعة واحدة. وعندما اقترب موعد عودته إلى البيت الأبيض، قال: إن وقفها سوف يحتاج لبعض الوقت. ثم قال: إن ذلك سيحتاج لمفاوضات طويلة، مما جعل الروس يتشككون بدورهم.. في قدرته على إنهاء هذه الحرب كما يبغون! 

وعموماً، فإن تقلب مواقف ترامب، أمر ليس مستبعداً بشكل عام.. في السياسة الخارجية، وبشكل خاص بخصوص القضية الفلسطينية، التي لم يتعهد بحل الدولتين لها. ويعزز ذلك أن كل مساعديه.. يدعمون إسرائيل، ويتبنون مواقفها؛ وتحديداً المواقف الأكثر تطرفاً فيها، والتي ترفض إقامة دولة فلسطينية على أراضي غزة والضفة تكون عاصمتها القدس الشرقية. 

واستكمال تنفيذ اتفاق غزة.. حتى مرحلته الثالثة، يُفضي إلى هذا الحل المرفوض إسرائيلياً، الذي لم تعلن الإدارة الأمريكية الجديدة.. ليس قبوله، وإنما مجرد بحثه!

وعموماً، الأمر يقتضي موقفاً عربياً قوياً الآن.. تجاه قضيتهم الأولى.

نقلاً عن «أخبار اليوم»

شارك هذه المقالة
اترك تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.