زياد بهاء الدين
أمس الأول، ألقى السيد وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المهندس حسن الخطيب.. كلمة – أو بياناً- أمام الجلسة العامة لمجلس النواب، متضمنة ما يمكن اعتباره برنامج عمل الوزارة للمرحلة القادمة.
وقد حظيت كلمته باهتمام خاص.. من المتابعين للشأن الاقتصادي – بما يتجاوز المتابعة المعتادة للكلمات والبيانات الوزارية أمام البرلمان- لعدة أسباب.. لأنها كلمته الرئيسية الأولى أمام البرلمان (والرأي العام) منذ توليه منصبه، وكان هناك ترقب لما سيقدمه في «طلعته» الرئيسية الأولى، ولأن قضية الاستثمار تشغلنا جميعاً.. باعتبارها السبيل الوحيد للنهوض بالاقتصاد القومي، ولأن هناك قلقاً في المجتمع.. مما يمكن أن يأتي مع أي برنامج «إصلاحي» (والكلمة أصبحت مخيفة للناس) من مزيد من التضخم في أسعار السلع والخدمات الرئيسية، التي لم يعد بوسع المواطنين تحملها.
ما قاله السيد وزير الاستثمار والتجارة الخارجية (واسمحوا لي هنا بالتركيز على شق الاستثمار، وترك التجارة الخارجية لمناسبة لاحقة) يمكن تلخيصه في النقاط التالية، والهادفة كلها إلى توفير بيئة استثمارية جاذبة ومستدامة، وخلق فرص عمل جديدة:
- أهمية أن تكون سياسات الاستثمار واضحة وشفافة.. لكي تحفز المستثمرين.
- ضرورة تخفيف الأعباء المالية غير الضريبية والإجرائية عن كاهل المستثمر.
- ضرورة وضوح حقوق والتزامات المستثمر تجاه الدولة.
- العمل على استقرار ووضوح السياسات الاقتصادية الكلية.
- اعتبار القطاع الخاص المحرك الرئيسي.. لدفع عجلة الاقتصاد في المرحلة الراهنة.
- تحوُّل دور الدولة إلى الرقيب والمنظم والحَكَم.. لضمان بيئة استثمارية عادلة.
وفيما يتعلق بالصندوق السيادي (الذي أصبح مؤخراً تابعاً لوزارة الاستثمار)، مضاعفة حجم أصوله واستثماراته.. كوسيلة لتحفيز الاستثمار في مصر.
إلى هنا ينتهي تلخيصي لبيان السيد الوزير – وأرجو أن يكون دقيقاً- وفي تقديري أنه بالتأكيد.. يقدم تصوراً شاملاً ومشجعاً. والأهم أن وراءه مصداقية وجدية.. مطلوبتين في ظل الكلام الكثير، الذي لم يعد الناس يصدقونه.. أو حتى يكترثون بمتابعته. وهو أقرب ما سمعت مؤخراً.. لأن يقدم تصوراً اقتصادياً متكاملاً(في مجال الاستثمار على الأقل) ومتسقاً مع ذاته.
ولكن – وللأسف أن هناك دائماً«لكن» في أي حوار جاد – فإن الكثيرين سوف يعلقون على البيان البرلماني.. بأسئلة كلها مشروعة؛ في ضوء تجاربنا السابقة:
هل لدى وزارة الاستثمار صلاحيات تنفيذ ما تقدم؟
وهل هذه الرؤية تعكس وجهة نظر باقي الحكومة؟
وكيف يمكن تحويل هذه المبادئ.. التي لا يُختلف عليها إلى واقع؟
وكيف سيجري التعامل مع المصالح الحقيقية على الأرض المتعارضة مع هذا التصور؟
المخاوف والتساؤلات – كما قلت – مشروعة. ولكن مع ذلك.. فإن ما قدمه السيد الوزير – في تقديري الخاص – أقرب ما يكون لتصور اقتصادي متكامل، ولا أقول برنامجاً اقتصادياً.. لأن البرنامج يتضمن برامج وسياسات وتشريعات تفصيلية لم ترد في البيان.
ولهذا، فإنني أظن أن هناك فرصة – بل ضرورة – لاستخدامه كقاعدة جيدة، أو نقطة بداية.. لنقاش جَدي حول مضمونه، وحول البرامج والسياسات.. الكفيلة بوضعه موضع التطبيق.
هناك حاجة ماسة إلى اتفاق مجتمعي.. حول مسارنا الاقتصادي، والتوافق حول تصور.. لا يرتبط بأولويات الصندوق والبنك الدوليين، بل يعبر عن احتياجات اقتصادية واجتماعية وتنموية، تتجاوز ذلك بكثير.
والبيان الأخير، يمكن أن يمثل نقطة بداية جيدة، ورؤية شجاعة وواضحة.. لو تم البناء عليه بجدية وشفافية، ومشاركة مجتمعية حقيقية.
نقلاً عن «المصري اليوم»