Times of Egypt

النضج العربي وأمريكا

Mohamed Bosila
أمينة خيري  

أمينة خيري..

هذا هو أحد أكثر الاستقبالات العربية الواقعية.. لتنصيب رئيس أمريكي جديد. باستثناءات قليلة، يتعامل أغلب العرب مع تنصيب الرئيس دونالد ترامب.. باعتباره حدثاً سياسيّاً عاديّاً متوقعاً، لن ينجم عنه سوى استمرار للسياسة الأمريكية.. تجاه المنطقة العربية والشرق الأوسط.
وسواء كان المتلقون يعتبرونها سياسة حميدة أو خبيثة.
كلمة السر هي الاستمرارية. جيد جدّاً أن ننضج، ونتوقف عن التعلق بـ«قشاية».. متمثلة في رئيس أمريكي «مسلم»؛ لأنه يحمل اسم «حسين». أو لأنه استهل خطاباً- نجمت عنه مصائب وكوارث- بـ«بسم الله الرحمن الرحيم». أو لأن هذا رئيس ديمقراطي، ومن ثَمَّ سيراعي العرب أكثر «حبتين». أو لأن ذاك جمهوري، فسيميل إلى التحالف مع دول الخليج.. بحثاً عن المصالح المشتركة.
كل ما سبق – وغيره من الافتراضات.. وغيرها – لا يعني شيئاً في عالم السياسة والمصالح. التقارير التي تتحدث عن التصويت العقابي العربي والمسلم في الانتخابات الأمريكية- والتي هدفت إلى إقصاء كامالا هاريس، مرشحة الحزب الديمقراطي، «عقاباً» لها على دعم الحزب لإسرائيل.. في حرب غزة الدامية، وتشتيت الأصوات من أصول عربية ومسلمة.. بين ترامب والاتجاه إلى التصويت لزعيمة حزب الخضر، جيل ستاين- لا تعكس إلا «قلة حيلة»، وضبابية رؤية، وهشاشة القدرة على رؤية الواقع. واقع السياسة الأمريكية – وغير الأمريكية – لا مجال فيه لحزب يحب العرب، أو يكرههم. بالطبع، هناك ضغوط اللوبي اليهودي، والأموال التي تُدفع لدعم سياسات ومرشحين. وهناك أيضاً ميول عنصرية، أو تمييزية.. لصالح إسرائيل، ولكن ماذا فعل العرب لمعادلتها، أو منافستها، أو الوقوف على قدم المساواة معها؟
ولحين العثور على إجابات منطقية وواقعية، نكتفي بدرجة النضج التي حققناها، وتتجلى في تقلص وانكماش الآلام والأحلام المحلقة.. بأن الرئيس الجديد سينصف المظلومين، أو سيسحقهم.
من أطرف ما قرأت.. وقت الحملات الانتخابية الأمريكية، تقرير عربي عنوانه «أساليب الحزب الجمهوري بعيدة عن القيم العربية». ضحكت كثيراً، ورغم أن ما قيل جاء على لسان سياسيأمريكي.. ينتمي إلى الحزب الجمهوري (بالطبع)، فإن جانباً من الإعلام العربي تعامل معه، وكأنه فتح عربي مبين.. في الانتخابات الأمريكية؛ وكأن الخلاص العربي يكمن في انتخاب المرشح الجمهوري.
تابعت كذلك المقالات والتقارير – بل الأخبار – التي اختارت مؤسسات إعلامية عربية.. ذات توجهات وتحيزات معروفة، أن تُغرق متابعيها فيها؛ على شاكلة «التصويت لجيل شتاين سيلقن الحزب الديمقراطي درساً قاسياً، ويجعله يَعِي فداحة دعمه لإسرائيل في المستقبل»، و«هاريس تخشى عقاب المسلمين يوم التصويت»، و«ترامب وهاريس يتسابقان من أجل خطب ود الناخبين المسلمين» وغيرها.

بعيداً عن الإمعان في التغييب، والإفراط في غسل الأدمغة. وتحليل مجريات الانتخابات الأمريكية.. بناء على المشاعر والأحاسيس، والأمنيات الحنجورية. وبغض النظر عما سنراه من مفاجآت.. لا أعتقد أنها ستكون سارة.
في الحضور الأمريكي في ملف الشرق الأوسط، يبدو أن الرهان حالياً.. هو على نضج المواطن العربي، وقدرته على التفريق بين.. سياسة الخيال والمشاعر، وسياسة الواقع والمصالح.
نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة
اترك تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.